الأحكام الشرعية عند القائل بعدم وفاء الظنون المعتبرة بالخصوص بأكثر الأحكام.
ويمكن الايراد عليه أولا: بإمكان الاقتصار فيها على خصوص الظن الذي دل النص والاجماع على اعتباره، كالمعاشرة وشهادة العدلين والشياع، كما اقتصر عليه كل من حصر الطريق في هذه الثلاثة، أو أضاف إليها (اقتداء العدلين) أو (شهادة العدل) في تزكية الإمام والراوي.
وثانيا: أن الانسداد إنما يوجب العمل بالظن في الجملة، فيجب الاقتصار على الظن القوي المعبر عنه عرفا ب (الوثوق) و (الأمن) مع إمكان استفادة حجية هذه المرتبة من النصوص، مثل قوله عليه السلام: (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وورعه) (1) وقوله عليه السلام: (إذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت (2) شهادته) (3) وقوله عليه السلام: (من عامل الناس فلم يظلمهم...) (4) وهو المتيقن من جميع الاطلاقات الدالة على حسن الظاهر، بل كفاية عدم العلم بالفسق.
فإن قلت: إن هذه الاطلاقات تدل على اعتبار مطلق الظن، بناء على أن المتيقن من الخروج عن إطلاقها هي صورة عدم حصول الظن، فيبقى الباقي، هذا مضافا إلى قوله عليه السلام - فيما حكي عن الفقيه -: (من صلى الخمس في جماعة فظنوا به كل خير) (5) وفي رواية: (فظنوا به خيرا وأجيزوا شهادته) (6) حيث إن الأمر بالظن لا يعقل، لعدم كونه اختياريا، فيدل - بدلالة الاقتصاد - على الأمر
صفحة ٦٤