سمعك وبصرك عن أخيك) (1) وبين ما إذا كان مستندا إلى خطائه واشتباهه، فالظاهر اعتبار كونه موهوما (2)، لأن ظاهر أدلة حجية الخبر - خصوصا آية النبأ (3) المفصل بين العادل والفاسق - عد الاعتناء باحتمال تعمد كذبه، وأما عدم الاعتناء باحتمال خطئه واشتباهه، فهو مما ينفيه ظاهر حال المخبر المعتبر عند كافة العقلاء إذا كان المخبر به من المحسوسات، أو من غيرها، النازل في ندرة الخطأ والاشتباه منزلة المحسوسات ولو عند المخبر، لكونه من أهل الخبرة والاطلاع بالنسبة إلى مضمون الخبر.
لكن مقتضى هذا التفصيل وجوب قبول خبر الفاسق إذا علمنا عدم تعمد كذبه، وكان احتمال المخالفة للواقع من جهة احتمال خطائه في الحس سهوا أو اشتباها. ولعل ظاهر كلماتهم يأباه، إلا أن القول به متعين، بناء على كون مستند اعتبار خبر العادل ورد الفاسق آية النبأ مفهوما ومنطوقا، إلا أن يقوم الاجماع في بعض المقامات، كما بيناه في مسألة حجية الاجماع المنقول.
اعتبار مطلق الظن بالعدالة وعدمه بقي الكلام في أن مطلق الظن بالعدالة هل هو معتبر أم لا؟ وجهان، بل قولان، ظاهر من حصر طريقهما بالمعاشرة والشياع والشهادة هو الثاني، وصريح بعض المعاصرين هو الأول. ويمكن التفصيل بين الظن القوي الموجب للوثوق، وبين غيره، وهو الأقوى.
ويشهد للأول انسداد باب العلم بالعدالة وعدم جواز الرجوع في جميع موارد الجهل بها إلى أصالة عدمها، وإلا لبطل أكثر الحقوق، بل ما قام للمسلمين سوق، فتعين الرجوع فيها إلى الظن، كما في نظائره من الموضوعات بل أكثر
صفحة ٦٣