وحيث إنه حكي هذا القول عن خصوص بعض القدماء بأسمائهم، فلا بأس أن نشير إلى عدم مطابقة هذه الحكاية للواقع بالنسبة إلى من وصل إلينا كلماتهم.
كلام الشيخ المفيد في هذا المقام فممن حكي عنه هذا القول: المفيد - في المقنعة -، حيث ذكر أن العدل (من كان معروفا بالدين والورع عن محارم الله) (1).
ولا يخفى أن ظاهر هذا الكلام وإن كان تفسير العدل الواقعي بمن عرف بالدين والورع، لا من اتصف بهما في نفس الأمر، لكن لا يخفى أن تحقق الدين في نفس الأمر معتبر في العدالة اتفاقا حتى ممن قال بأن العدالة هي (الاسلام مع عدم ظهور الفسق) والكلام إنما هو في الورع عن المحارم وأنه معتبر في الواقع أو في الظاهر، أي: فيما يظهر للناس في أحواله، فلا بد من أن يراد من العبارة:
تفسير العدل المعلوم عدالته، لأنه الذي يترتب عليه الأحكام، دون العدل النفس الأمري مع قطع النظر عن كونه معلوما، فكأنه قال: (العدل المعروف عدالته من كان معروفا بالدين والورع) فالعدل الواقعي من له دين وورع في الواقع، والعدل المعروف بهذه الصفة من كان معروفا بالدين والورع.
نعم: لو التزم أحد أن الاسلام الواقعي أيضا غير معتبر في العدالة الواقعية، كان العدالة عنده: حسن الظاهر من حيث الدين والورع، لكن الظاهر من حكاية هذا القول هو إلغاء الواقع ونفس الأمر بالنسبة إلى الورع لا الدين.
كلام الشيخ الطوسي في هذا المقام وممن حكي عنه هذا القول الشيخ في النهاية (2)، حيث ذكر (أن العدل الذي يقبل شهادته: من كان ظاهره ظاهر الايمان، ثم يعرف بالستر والعفاف).
صفحة ٣٦