ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم } [البقرة: 109]، أفتقولون إن هذا الحسد من عند الله قضى به على الكفار أن يحسدوا المؤمنين على الإسلام، أم حسدا من عند أنفسهم يعاقبون عليه؟ فإن قالوا: هو من عند الله قضى به عليهم؛ برؤا الكفار من المذموم، وجعلوه لله دونهم، وقد قال الله خلاف ذلك، فقد كذبوا الله في قوله وكفروا به. وإنقالوا: هو من عند أنفسهم ومنهم لا من الله كما قال الله؛ خرجوا من الباطل إلى الحق، ورجعوا إلى العدل.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم } [محمد: 25]، أفتقولون إن الشيطان برئ من ذلك، وأنه لم يسول لهم منه شيئا؟
فإن قالوا: نعم؛ فقد كذبوا الله، وخرجوا بذلك من الدين. وإن قالوا: بل هو كما قال سبحانه من الشيطان لا من الرحمن؛ فقد صدقوا ورجعوا إلى الحق، وقالوا بالعدل، وأقروا بأن الارتداد من المرتدين، بتسويل الشيطان لهم، لا بقضاء الله بذلك عليهم؛ لأن الله لا يقضي بالارتداد، ولا غير ما أمر به من اتباع دينه، والائتمار بأمره، والانتهاء عن نهيه.
صفحة ٣١٠