ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } [آل عمران: 165]، أتزعمون أنه من عند أنفسهم كما قال الله، أم هو قضاء من عند الله قضاه عليهم؟ فإن قالوا: إن ذلك من أنفسهم؛ قالوا بالحق، وتعلقوا بالصدق. وإن قالوا: هو من عند الله وهو قضاؤه؛ قيل لهم: أفقولكم أصدق، أم قول الله سبحانه؟ فإن قالوا: قول الله صدقوا وأسلموا؛ وإن قالوا: قولنا؛ كفروا؛ لأن المصيبة لم تكن إلا بمخالفتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أمرهم أن لا يبرحوا من باب الشعب، فخالفوا ورجعوا، فوجد الكافرون السبيل إلى دخول الشعب، فدخلوا فأصابوا ما أصابوا ووقعت المصيبة. فكانت منهم بمخالفتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزوالهم من مواقفهم التي أوقفهم لانتظار أمره.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه فيما حكى عن نبيئه يوسف صلى الله عليه من قوله: { من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي } [يوسف: 100]، أتقولون إن الشيطان نزغ بينهم كما قال الله؟ أم تقولون إن الله الذي نزغ بينهم وأدخلهم فيما فعلوا بنبيه صلى الله عليه وقضى به عليهم فلم يجدوا منه بدا؟ فإن قالوا: إن الشيطان الذي نزغ كما قال الله سبحانه وذكر يوسف؛ صدقوا، ورجعوا إلى الحق من بعد الباطل، وخرجوا من الجبر إلى العدل. وإن قالوا: بل الله الذي نزغ بينهم بقضائه بذلك عليهم؛ كذبوا قول يوسف في الشيطان، وردوا الذنب على الرحمن، وقالوا على الله بخلاف قوله في نفسه وقول نبيئه فيه. فهل يقول بإكذاب الله سبحانه وإكذاب نبيه يوسف، وتصديق المجبرة من دون الله مؤمن يؤمن بالله أو يعرفه؟!
صفحة ٣١١