ومما يسألون عنه من محكم كتاب الله أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون } [الأنعام: 148]، أفتقولون: إنهم صدقوا في قولهم إن الله لم يشأ إيمانهم؟ فإن قالوا: صدقوا؛ كذبوا الله في قوله، وكفروا بالله. وإن قالوا: لا، بل كذبوا على الله في قوله، وقد شاء منهم الإيمان ودعاهم إليه، ولم يشاء منهم الشرك؛ رجعوا عن قولهم، وصاروا إلى القول بالحق.
ومما يسألون عنه قول الله سبحانه: { وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم } [الزخرف: 20]، فيقال لهم: أليس قد أخبر سبحانه أن قوما قالوا لو شاء الرحمن ماعبدنا غيره؟ فإذا قالوا: نعم. يقال لهم: أليس قد قال الله: { ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } [الزخرف: 20] - والخرص هو الكذب، فما تقولون في ذلك؟ فإن قالوا: صدق الله إنهم لكاذبون فيما ادعوا عليه؛ تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق وقالوا بالعدل. وإن قالوا: هم كما قالوا لو شاء الله ما عبدوا غيره؛ فقد صدقوا قول الفاسقين، وردوا قول رب العالمين، ومن قال بذلك كان بالله من الكافرين، ولعذابه من المستوجبين.
صفحة ٣٠٦