ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره } [الصف:8]، أفتقولون: إن الكافرين هم الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله من دونه، أم هو الذي أراد أن يحملهم على إطفاء نور الله؟ فإن قالوا: أراد إتمام نوره؛ تركوا قولهم، ورجعوا إلى الحق، وقالوا بقول الله في ذلك. وإن قالوا: بل الله الذي أراد إطفاء نور نفسه؛ ردوا قول الله، وكفروا به؛ لأن الله يقول في كتابه: { يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره } [التوبة: 32]، والله يقول: إنهم يريدون إطفاء نور الله، والمجبرة والقدرية تقول: بل الله يريد إطفاء نور نفسه إذ زعمت أنه يقضي على الفسقة بذلك.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: { ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء } [آل عمران: 28] أتقولون إن فاعل ذلك فعله بغير قضاء من الله؟ فإن قالوا: نعم فعله بغير قضاء من الله، وإن فعله ليس من الله في شيء؛ دخلوا في قول المعدلين، وقالوا بالحق في رب العالمين. وإن قالوا: فعل ذلك من الله، وإنه ليس بمعدول عنه، وإنه بقضاء منه؛ فقد ردوا على الله قوله، وخسروا خسرانا مبينا، إذ قالوا: هو من الله، والله يقول: ليس هو منه.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } [الفتح:25] أتقولون إنهم صدوهم عن المسجد الحرام كما قال الله، أم الله صدهم وقضى بذلك عليهم؟ فإن قالوا: الله الذي صدهم؛ ردوا قول الله، وخالفوا تنزيله. وإن قالوا: بل المشركون صدوهم عن المسجد الحرام، والله تبارك وتعالى بريء من فعلهم، ولم يقض به عليهم؛ خرجوا من قولهم، ودخلوا في قول المحقين.
صفحة ٣٠٧