ومما يحتج به عليهم ويسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } [الزخرف: 45]، فيقال لهم: هل الله الذي جعل آلهة تعبد من دونه وقضى بذلك فيها؟ فإن قالوا: إن الله جعل ذلك وقضى به؛ ردوا كتاب الله وكفروا به. وإن قالوا: لم يجعله ولم يقض به؛ تركوا قولهم، وخرجوا من الظلم إلى الحق.
ويقال لهم: أليس الله { هو أهل التقوى وأهل المغفرة{ كما قال وذكر أنه أهلهما؟ فإن قالوا: نعم. قيل لهم: فهل يجوز أن يكون الظلم والمعصية من الله كما كانت التقوى والمغفرة منه؟ فإن قالوا: نعم؛ كفروا وخالفوا الكتاب، ونسبوا إلى الله غير الصواب. وإن قالوا: لا يكون الظلم والمعصية من الله؛ تركوا قول المبطلين، ورجعوا إلى قول المحقين.
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: { إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا } [الإنسان:29]، وعن قوله: { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها } [الكهف: 29]، أمن شاء أن يفعل خيرا فعله، أم ليس هو عندكم كما قال الله؟ فإن قالوا: ليس هو كما قال الله؛ كفروا. وإن قالوا: هو كما قال الله رجعوا إلى الحق، وقالوا على الله بالصدق، وأقروا أن العباد ممكنون من العمل، وأنهم يفعلون ماشاؤا بما جعل الله فيهم من الاستطاعة التي ركبها فيهم؟ فإن قالوا: ليس هو كذلك ردوا كتاب الله وكذبوه، ومن فعل ذلك فقد كفر.
صفحة ٣٠٥