كتاب الرد والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية
تصانيف
ثم اتبع ذلك الحسن بن محمد المسألة عن قول الله سبحانه: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم} [الأنفال: 7]، أليس إنما يريد العير والغنيمة أو المشركين وغلبتهم والنصر؟ فإن قالوا: نعم، فقل: هل كانوا يقدرون على أن لا يقاتلوا ولا يخرجوا إلى القتال؟، فإن قالوا: نعم، فقد زعموا أنهم كانوا يقدرون على أن يخلف الله وعده الذي وعده رسوله، وهذا قول عظيم يدخلهم في أعظم مما كرهوا، (وإن زعموا أنهم لم يكونوا يقدرون على أن يخرجوا للقتال، لا المؤمنون ولا الكافرون، فقد أقروا بما كرهوا)(1)، فإن الله قد أراد أن يقاتل المؤمنون الكافرين، وأن يقاتل الكافرون المؤمنين، وأن الفريقين لم يكونوا يستطيعون التخلف ولا الترك للقتال حتى ينجز الله وعده، ويعز المؤمنين ، ويذل الكافرين ويوهن كيدهم، وكذلك أراد الله بالفريقين (يوم بدر)(2) جميعا، وقد كان فيما صنع الله بالفريقين يوم بدر بينة لنبيه وبرهان، وذلك أن الله سبحانه لم يكل المؤمنين إلى ما زعم الجهال المكذبون أن الله جعل في العباد استطاعة ثم وكلهم إليها، فلم يرض حتى أيدهم بنصره، وأمدهم بملائكته، ثم آجرهم على صبرهم على البأس، وهو صبرهم، وأجرهم على الثبات، وهو ثبتهم، وآجرهم على ائتلافهم(3) وهو ألف بينهم، وآجرهم على صرامتهم وهو ربط على قلوبهم وآجرهم على ظفرهم وهو ألقى الرعب في قلوب عدوهم(4)، وهذا كله خلاف لقولهم ورد عليهم. فجعل غلبة المؤمنين الكافرين نصرا وعزا وتأييدا، وجعل غلبة الكافرين دولة بلاء(5) وإملاء، فأنزل في قتال المؤمنين الكافرين بأحد: (حينئذ(6) إلى المشركين من المؤمنين )(7)، {فأثابكم غما بغم} [آل عمران: 153]، أما الغم الأول فالهزيمة والقتل، وأما الغم الآخر(1)، (فإشراف خيول الكفار على الجبل حتى أشرفوا عليهم فظنوا أنها الهلكة)(2) قال الله تعالى: {لكيلا تحزنوا على ما فاتكم} [آل عمران: 153]، من الغنيمة، {ولا ما أصابكم} [آل عمران: 153]، يعني من قتل من قتل من إخوانكم، قال: {والله خبير بما تعملون} [آل عمران: 153].
صفحة ٣٨٠