وقال أبو جعفر بن الزبير (١): " أولى ما أُرشد إليه: ما اتفق المسلمون على اعتماده، وذلك الكتب الخمسة، والموطَّأ الذي تقدمها وضعًا ولم يتأخر عنها رتبة، وقد [اختلفت] (٢) مقاصدهم فيها، وللصحيحين فيها شفوف (٣)، وللبخاري -لمن أراد التفقُّه- مقاصدُ جليلة (٤)، ولأبي داود في حصر أحاديث الأحكام واستيعابها ما ليس لغيره، وللترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يشاركه غيره، وقد سلك النسائي أغمض تلك المسالك وأجلها " (٥) .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي (٦) في أول شرح الترمذي:
" اعلموا -أنار الله أفئدتكم- أن كتاب (٧) الجعفي (٨) هو الأصل الثاني في
_________
= غزيرة ... لولا ما كدَّره بأحاديث واهيةٍ بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل ". السير (١٠/٦١٢) رقم (٢٣٥٠) .
(١) أبو جعفر بن الزبير: أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي، الغرناطي المنشأ، كان محدثًا جليلًا ماهرًا، نحويًا، فصيحًا مفوهًا، حسن الخط، مقرئًا، مفسرًا، مؤرخًا (٦٢٧-٧٠٨ هـ) . انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ص (٥١٦) رقم (١١٣٥)، طبقات المفسرين للداودي ص (٢٧) رقم (٢٥) .
(٢) " اختلفت ": ساقطة من الأصل. وهي مثبتة في (ك، ش)، وفي الإحاطة في أخبار غرناطة (١/١٨٨)، وزهر الربى على المجتبى (١/٤) .
(٣) شفَّ الشيُ: لم يحجب ما وراءه. وفي النهاية: الزيادة والربح. (٢/٤٨٨) .
(٤) في زهر الربى (١/٤): "جميلة".
(٥) تدريب الراوي (١/١٨٦-١٨٧) وختم الترمذي ص (٦٥) .
(٦) محمَّد بن عبد الله بن محمَّد المعافري، الأشبيلي، المالكي، أبو بكر بن العربي القاضي، من حفاظ الحديث، ولد في إشبيلية، ورحل إلى المشرق، وبرع في الأدب، وبلغ رتبة الاجتهاد في علوم الدين، وصنَّف كتبًا في الحديث، والفقه، والأصول، والتفسير، والأدب، والتاريخ ولي قضاء إشبيلية، ومات بقرب فاس سنة (٥٤٣ هـ) ودفن بها، قال ابن بشكوال: ختام علماء الأندلس وحفاظها، من كتبه "العواصم من القواصم". انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ص (٤٦٨) رقم (١٠٤٦)، طبقات المفسرين للداودي (٢/١٦٧) رقم (٥١١)، كتاب الصلة (٢/٥٩٠) رقم (١٢٩٧) .
(٧) في (ك): " أن كان ".
(٨) أي محمَّد بن إسماعيل البخاري.
1 / 8