(1) أن مجمل الشروط المطلوب توفرها في الخليفة تنقسم إلى قسمين: أحدها: ما يتوقف الوفاء والكمال بالمقصود من الخلافة عليه، كالبلوغ، والعقل، وحسن التدبير، وسلامة الحواس، وغير ذلك مما لا يتم المطلوب من الخلافة إلا به، فهذه تعد شروط لازمة أوجبتها طبيعة المنصب.
وثانيها: ما لا يتوقف المقصود من الولاية عليه كاشتراط نسب معين، أو الأفضلية على جميع الناس، أو العصمة، فلا يمكن اعتبارها شرطا إلا بدليل شرعي خاص، وإلى هذا أشار العلامة المقبلي بقوله: «إن مدار الإمارة على ما يحصل به مقصودها الذي شرعت لأجله، وما زاد على ذلك فهو دعوى، قلما قام عليها دليل، هذا هو الحق وإن ورمت هناك أنوف»(1).
(2) أن الأمر بنصب الخليفة ورد مطلقا، وعلى ذلك يجب نصب من يتم به الغرض المقصود، من أي نسب كان، إلا لديل شرعي يوجب اشتراط نسب معين، وإلى هذا أشار الإمام عز الدين بن الحسن بقوله: «وإيجابها على الإطلاق دليل واضح على جواز نصب كل صالح لها، ولا يحتاج إلى دليل آخر، كما في إيجاب الجهاد، فإنا علمنا أن المقصود منه نكاية الكفار والبغاة، فإذا كان لا يتم إلا بإعداد السلاح والكراع والنهوض إليهم، علمنا وجوب ذلك لمجرد إيجاب الجهاد؛ وإن لم يقع نص على ما ذكر، وكما إذا قال السيد لعبده: اصعد السطح. وأطلق، فإنه يجب عليه صعوده بأي وجه أمكن، من نصب سلم أو تسلق من بعض جوانبه، ولا يشترط أن يكون على كيفية مخصوصة»(2).
(3) أن أقوى أدلة القائلين بشرط القرشية هي: حديث: « الأمة من قريش». ودعوى الإجماع على ذلك. وهي أدلة واهية كما قدمنا، فلا تقوم بها حجة خصوصا في موضوع الخلافة الذي هو مما تعم به البلوى علما وعملا.
***
صفحة ٦٨