وأما الذى يكون من جهة الأمر نفسه فلأنه ربما كانت المشابهة بين الأمرين اللذين يشبه أحدهما بالآخر، وربما كانت قريبة ظاهرة لأكثر الناس، فيكون القول فى كماله ونقصانه بحسب مشابهة الأمور من قربها وبعدها. وإن المتخلف فى الصناعة ربما أتى بالجيد الفائق الذى يعسر على العالم بالصناعة إتيان مثله، ويكون سبب ذلك البخت والاتفاق، ولا يستحق اسم المسلجس.
وجودة التشبيه تختلف: فمن ذلك ما يكون من جهة الأمر نفسه بأن تكون المشابهة قريبة ملائمة، وربما كان من جهة الحذق بالصنعة حتى يجعل المتباينين فى صورة المتلائمين بزيادات فى الأقاويل مما لا يخفى على الشعراء: فمن ذلك أن يشبهوا ا ب و ب ج لأجل أنه يوجد بين أ و ب مشابهة قريبة ملائمة معروفة، ويوجد بين ب و ج مشابهة قريبة ملائمة معروفة، فيدرجوا الكلام فى ذلك حتى يخطروا ببال السامعين والمنشدين مشابهة ما 〈بين〉 أ 〈ب〉، ب ج — وإن كانت فى الأصل بعيدة.
صفحة ١٥٧