وللإخطار بالبال فى هذه الصناعة غناء عظيم، وذلك مثل ما يفعله بعض الشعراء فى زماننا هذا من أنهم إذا أرادوا أن يضعوا أن كلمة فى قافية البيت ذكروا لازما من لوازمها أو وصفا من أوصافها فى أول البيت، فيكون لذلك رونق عجيب. — ونقول أيضا إن بين أهل هذه الصناعة وبين أهل صناعة التزويق مناسبة، وكأنهما مختلفان فى مادة الصناعة ومتفقان فى صورتها وفى أفعالها وأغراضها؛ أو نقول: إن بين الفاعلين والصورتين والغرضين تشابها، وذلك أن موضع هذه الصناعة الأقاويل، وموضع تلك الصناعة الأصباغ، و〈إن〉 بين 〈كليهما〉 فرقا، إلا أن فعليهما جميعا التشبيه وغرضيهما إيقاع المحاكيات فى أوهام الناس وحواسهم.
فهذه قوانين كلية ينتفع بها فى إحاطة العلم بصناعة الشعراء. ويمكن استقصاء القول فى كثير منها، إلا أن الاستقصاء فى مثل هذه الصناعة يذهب بالانسان فى نوع واحد من الصناعة وفى جهة واحدة، ويشغله عن الأنواع والجهات الأخر. ولذلك ما لم يشرع فى شىء من ذلك قولنا هذا.
صفحة ١٥٨