قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
تعالى بالتدبير، كما قال الله ﷿: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾، وقال: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾، والله ﷾ المُدبِّر للأمر المتصرِّف في الكون كيف يشاء، لا إله إلاَّ هو.
وقوله: "السميع البصير" السميع البصير اسمان من أسماء الله يدلاَّن على صفتَين من صفات الله، وهما السَّمع والبصر، وسَمعُ الله محيطٌ بكلِّ المسموعات، وبصرُه محيطٌ بكلِّ المرئيات، قال الله ﷿: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ .
وفي هذه الآية الكريمة الجمعُ في وصف الله بالسَّمع بين الفعل الماضي والمضارع والاسم، وهذان الاسمان يأتيان مقرونًا بينهما في كثير من آيات القرآن، كقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾، وقوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾، وقوله: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ .
وقوله: "العليُّ الكبير" العليُّ والكبير اسمان من أسماء الله يدلاَّن على صفتَي العلوِّ والكِبَر، والله تعالى عالٍ على كلِّ شيء قهرًا وقدْرًا وذاتًا، وهو أكبرُ من كلِّ كبير وأعظمُ من كلِّ عظيم، والمخلوقات كلُّها حقيرةٌ أمام كبرياء الله وعظمته ﷾.
1 / 73