قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
الناشر
دار الفضيلة،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
٥ قوله: "العالِمُ الخبيرُ، المُدَبِّرُ القَدِيرُ، السَّمِيعُ البصيرُ، العَلِيُّ الكَبيرُ".
العليم الخبير اسمان من أسماء الله يدلاَّن على صفتَي العلم والخبرة، وهما متقاربان في المعنى، وجاء في بعض النُّسخ: "العليم" بدل "العالِم"، و"العليم" أولَى لأمرين:
الأول: أنَّ "العليم" جاء في القرآن كثيرًا مطلقًا غير مقيَّد، وأمَّا "العالِم" فيأتي في القرآن مقيَّدًا بعلم الغيب، كقوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾، وقوله: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ﴾ .
والثاني: أنَّه يأتي في القرآن كثيرًا اقترانُ اسم "العليم" باسم "الخبير" مع تقدُّم اسم "العليم" كما قال الله ﷿: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، وقال: ﴿قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ .
وقوله: "المدبِّرُ القدير" القدير اسمٌ من أسماء الله يدلُّ على صفة من صفات الله، وهي القدرة، قال الله ﷿: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وقدرة الله عامَّةٌ لكلِّ شيء، قال الله ﷿: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾، وقال: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾
وأمَّا المُدبِّرُ فلا أعلمُ ما يدلُّ على أنَّه من أسماء الله، وقد جاء وصفُ الله
1 / 72