كان يصاد حيًا، وهو ممنوع من أكله لانحراف مزاجه، وفساد طبعه قبل موته، فيمنعون من ذلك. وما بقي عند باعة السمك شيء وبات، جعل صيرًا. وأرطال السماكين، فرسمها أن تكون زائدة على عيار غيرها أوقيتين، وتكون حديدًا مختومة قطعة واحدة بلا حلقة، وإن كانت حجارة، فتكون مجلدة مختومة بالرصاص كما قدمنا ذكرها أولًا.
ويأمر باعته بمواصلة غسل حصرهم، وموازينهم، وجميع آلاتهم، وقفاف الحمالين أيضًا، ويرشوا عليها الملح عند انصرافهم لتنقطع رائحتها، فمن خالف ذلك، وكانت قفته من الحمالين منتنة أدب وأشهر، ومن اشترى سمكًا لنفسه، فليكن حمله في زنبيل معه، لكي لا يعدم به ثياب الناس في الأسواق، ومن وجد حاملًا سمكًا في يده، وضع في حجره تأديبًا لغيره.
* * *
الباب السادس عشر
في باعة الصير والبورى والملح
أما الملح، إذا كان جريشًا، ينهوا عن تهميشه، فإن ذلك تدليس، ومكاييل الملح الجريش في المراكب، ودكاكين الملاحين، كلها حروية، فمن اشترى بالحروى وباع بالليتى، فقد ظلم وجار.
وأما البورى، فيعتبر عليهم الفائت منه، ويمنعهم من بيعه، وأن لا يخلطوا بعضها مع بعض، مثاله أن يكون ششف مع لاج، أو طوبار مع طرى، ولكن كل واحد منهما وحده. وينفض ما في خياشيمه من الملح قبل وزنه. ومن باع منه طريًا فأعطى فائتًا ألزم برده، وإعادة ما غرم عليه من حوائجه، وأن تكون أرطالهم كأرطال السماكين، زائدة من عين عيار غيرها أوقيتين، وأن يكون تحت يد كل واحد منهم قفة كبيرة لتقشير السمك، [وأخرى] لوضعه ولجمعه فيها، وإذا قشر السمك لصاحبه، فلا يشق بطنه إلا بإذن صاحبه، فإنهم يعملون تحت أيديهم الأوعية للمصران، ويأخذون بغير إذن صاحبه ويبيعونه، وهذا حرام، فيعتبر عليهم ذلك.
وأما الصيّر، فيعتبر عليهم ما ريح منه، أو ما داد من قلة ملحه، أو أن يبيعوا جنسين
1 / 315