في كل يوم، ويحتم على مخازن من غلته رسم عبور إلى وقت الحاجة؛ لأن ربما جرى بعد ذلك تفريط في أوجه، وهذا أمر جليل لا ينبغي الغفلة عنه، ولا التفريط فيه. ويلزم المحتسب بعد ذلك أن يفرق الغلة بالتعريف على مقدار ما في البلد، وينظر فيمن عنده من الناس، وذلك مأخوذ من الأحجار التي تطحن في البلد؛ لأن كل حجر فارسي يطحن في كل يوم وليلة ستة أرادب، فإذا جعلناها أقداحًا كانت خمسمائة قدح وستة وسبعين قدحًا، يقيت كل إنسان منها قدح، فهذه الأحجار يعرف بها عدد الناس في كل مدينة بالتقريب.
* * *
الباب الثاني
في النظر في الأسواق والطرقات
ينبغي أن تكون الأسواق في الارتفاع والاتساع على ما وضعته الروم قديمًا، ولا يجوز لأحد من السوقة إخراج مصطبة دكانه عن سمت أركان السقائف إلى الممر الأصلي؛ لأنه عدوان وتضييق على المارة، فيجب على المحتسب إزالته والمنع من فعله، لما في ذلك من إلحاق الضرر بالناس، ويجعل لأهل كل صنعة سوقًا يختص بهم، تعرف صناعتهم، ومن كانت صناعته تحتاج إلى وقود نار، كالخباز، والجردقاني، فالمستحب أن يبعد حوانيتهم عن البرازين والعطارين، لعدم المجانسة بينهم وحصول الأضرار.
وينبغي للمحتسب ويستحب له أن يجعل له على أهل كل صنعة عريفًا من صالح أهلها، خبيرًا بصناعتهم، بصيرًا بغشوشهم وتدليسهم، مشهورًا بالثقة والأمانة، يكون
1 / 296