تطور بعض الأعضاء
يمكن دارس التطور أن يعمد إلى أي عضو في جسم الإنسان؛ كالعين أو الساق أو القلب أو الأذن، فيتتبع تطورها منذ ظهور الحيوانات الدنيا إلى أن بلغت مرتبتها الراهنة العليا في الإنسان، وفي ما يلي يرى القارئ تطور بعض الأعضاء على سبيل التلخيص:
تطور الثدي:
في جلود الأسماك غدد تفرز نوعا من الدهن أو الزيت ينتشر على سطحها فيجعلها ملساء زلقة فيسهل عليها بذلك اجتياز المياه، وهذه الغدد تتركز أحيانا في بعض مراكز، وتنشئ أحيانا مجاري، وأحيانا أخرى تتفرق في جلد السمكة.
وأكثر الضفادع وبعض الأسماك تفرز مادة زيتية كريهة على جلودها؛ حتى لا يفترسها مفترس، وهذا هو السبب في أن الكلب أو القط أو الثعلب يكره الضفادع ولا يأكلها مع كثرتها أمامها.
وللزواحف والطيور غدد تفرز مواد كريهة أحيانا؛ لتكره أعداءها فيها حتى لا تفترسها. (كان الإنسان قديما يلد أكثر من واحد، فكانت للمرأة عدة حلمات، ومن هنا حدوث الفلتات الآن؛ إذ يكون لبعض النساء عدة حلمات)
على أن الحيوان اللبون (ذا الثدي) يمتاز على كل الحيوانات الأخرى بثلاثة أنواع من الغدد، وهي غدد اللبن؛ أي الأثداء، وغدد العرق، وغدد الشعر؛ أي الغدد الدهنية.
واللبن في تركيبه قريب من المادة التي تفرزها غدد الشعر، وتشتد مشابهته لمفرزات الغدد الدهنية هذه كلما نزلنا في سلم التطور إلى الحيوان اللبون القريب من الزواحف؛ ففي استراليا - مثلا - حيوان يسمى الأخدنة، وهو شائك كالقنفذ، ويعيش بأكل النمل، وهو أحط اللبونات الحاضرة؛ فإنه لا يزال كالزواحف يبيض ولا يلد، وليس له غير منفذ واحد للبول والتبرز، وليس له حاجز بين صدره وبطنه كالحيوان اللبون، وليس له ثدي بالمعنى المتعارف، بل تتورم جلدة بطنه وتحتقن عندما ينفقس بيض فراخه، وتتشقق ثم ترشح نوعا من الدهن الذي يفرزه جسدنا للشعر، فتلحسه فراخه.
ومن ذلك نفهم أصل الأثداء، فإنها غدد دهنية تركزت في موضع من الجسد، وكان القصد منها في الأصل مجرد إيجاد الدهن للشعر. (فلوس القرش التي على جلده، وأسنان القرش لا تختلفان في شيء، ومن ذلك نعرف أصل أسناننا)
ويجب ألا ننسى أن الشعر، وهو يحتاج إلى غدد دهنية، من خواص الحيوان اللبون؛ ولذلك لم يظهر اللبن في غيرها.
صفحة غير معروفة