[الفرقة بسبب النشوز وسوء العشرة (الحكمين)]
وأما الحكمين [12أ-أ] فإنه بلغني عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه من حيث أثق به، ومن غير جهة [29/1] أنه جاءه رجل وامرأة قد نشزت عنه، ومع كل واحد منهما جماعة من الناس، فأمرهم أن يبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ففعلوا.
فقال علي عليه السلام للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تفرقا فرقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما، فقلنا: قالت المرأة: رضيت بكتاب الله، وعلي ولي الله، فقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال له علي عليه السلام: كذبت والله حتى ترضى كما رضيت، وعلى هذا أهل العلم اليوم، ولا أعلم غيره متواطئين عليه، وقد قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فلا شيء حتى يجتمعا، وذلك قول كثير من أهل العلم، وهو قولنا وبه نأخذ.
واختلفوا في الفرقة، فقال قوم: لا تكون إلا بإذن السلطان وعنده، وقال آخرون: إنه جائز أيهما كان وأمرهما جائز في تلك الفرقة، إن فرقا بثلاث أو باثنتين أو واحدة، ونحن نقول: إذا كان الإمام عادلا كان ذلك عنده وبأمره، وإن كان الإمام الذي قلناه معدوما جاز ذلك فيما بينهم، وكان إذا أراد رجعتها خاطبا من الخطاب.
وقد بلغني [30/1] أن عمر أجاز شراء امرأة من زوجها تطليقة بألف، وروي إجازة ذلك عن عثمان، وكذلك بلغني عن شريح أنه أجاز خلعا دونه، وذكر أيضا عن شريح أن امرأة قالت لزوجها: أترك لك صداقي على تطليقي.
قال: فأنت طالق.
قالت: لا والله حتى تمرها ثلاثا.
قال: أنت طالق ثلاثا.
قالت: قد طلقتني [72أ - ب] فاردد علي مالي [12ب-أ] فاختصما إليه، فقال: أما امرأتك فقد بانت منك وأما مالك فلك [6أ-ج] . وهذا ما اختلف فيه من الحكمين.
صفحة ٦٠