ووجدت في بعض أخبار هارون الرشيد أن الرشيد خرج ذات يوم إلى الصيد ببلاد الموصل، وعلى يده بازأبيض ث فاضطرب على يده فأرسله ة فلم يزل يحلق حتى غاب في الهواء ثم طلع بعد الإياس منه وقد علق شيئا فهوى به يشبه الحية أو السمكة وله ريش كأجنحة السمك فأمر الرشيد فضع في طست ؛فلما عاد من قنصه أحضر العلماء فسألهم: هل تعلمون للهواء ساكنا؟ فقال مقاتل: يا أمير المؤمنين، روينا عن جدك عبد الله بن عباس أن الهواء معمور، بأمم مختلفة الخلق، فيها سكان أقربها منا دواب تبيض في الهواء تفرخ فيه، يرفعها الهواء الغليظ ويربيها حتى تنشأ في هيئة الحيات أو السمك، لها أجنحة ليست بذات ريش تأخذها بزاة بيض تكون بأرمينية، فأخرج الطست إليهم، فأراهم الدابة، وأجاز مقاتلا يومئذ.
و قدأخبرني غير، واحد من أهال التحصيل بمصروغيرهامن البلاد أنهم شاهدوا في الجو حيات تسعى كأسرع ما يكون من البرق بيض، وأنها تقع على الحيوان في الأرض فتقتله، وربما يسمع لطيرانها في الليل وحركتها في الهواء صوت كنشرثوب جديد، وربما يقول من لا علم له وغيره من البشر: هذا صوت ساحرة لطير، ذات أجنحة من قصب.وللناس كلام كثير فيما ذكرنا، واستدلالهم على هذا إنما هو بما يحدث في أسطقص الماء من الحيوان، وأنه يجب على هذه القصة أن يحدث ذلك بين العنصرين الخفيفين وهما الهواء والنار نشو وحيوان كحدوثه بين الثقيلين وهما الأرض والماء.
وصف البزاة
قال المسعوعي: وقد وصفت الحكماء والملوك البزاة، وأغربت في الوصف، وأطنبت في المدح، فقال خاقان ملك الترك: البازي شجاع مريد وقال كسرى أنو شروان: البازي رفيق يحسن الإشارة ولا يؤخر الفرص إذا أمكنت، وقال قيصر: البازي ملك كريم إن احتاج أخذ وإن استغنى ترك، وقالت الفلاسفة: حسبك من البازي سرعة في الطلب وقوة على الرزق وفي السمو إذا طالت قوادمه وبعد ما بين منكبيه فذلك أبعد لغايته وأخف لسرعته، ألا ترى إلى الصقور لا تزداد في غاياتها إلا بعدا وسرعة وقوة على التكرار، وذلك لطول قوادمها مع كثافة أجسامها، وإنما قصرت غاية البازي لقصر جناحيه ورقة جسمه، فإذا طالت به الغاية أخره ذلك حتى تشتد نفسه، ولا تؤتى الجوارح إلا من قصر القوادم، ألا ترى أن الدراج والسما ن والحجل واشباهها حين قصرت قوادمها، كيف قصرت غاياتها. وقال أرستجانس: البازي طير عاري الحجاب، وما يفته في كسوره يزيده في أخمصه ورجليه، وهو أضعف الطير جسما، وأقواهاقلبا وأشجعها وذلك لفضله على سائر الطير بالجزء الذي فيه من الحرارة التي ليست في شيء منها، ووجدنا صدورها منسوجة بالعصب لا لحم عليها وقال جالينوس مؤيدأ لما ذهب إليه أرستجانس: إن البازي لا يتخذ وكرا إلا في شجرة لفاء مشتبكة بالشوك مختلفة الحجوم بين شجرعسى طلبأ للكن ودفعا لألم الحر والبرد، فإذا أراد أن يفرخ بنى لنفسه بيتا وسقفه تسقيفا لا يصل إليه منه مطرولا ثلج إشفاقا على نفسه وفراخه من البرد والضر.
أول من لعب بالصقور
وذكر أدهم بن محرز أن أول من لعب بالصقور الحارث بن معاوية بن ثور الكندي، وهو أبوكندة، وأنه وقف يوما لقانص وقد نصب حبالة للعصافير فانقض أكدر على عصفر منها قد علق، فعلقه الأكدر وهو الصقرومن اسمائه أيضا الأجدل، فجعل يأكل العصفر وقد علق، فعجب الملك فأتى به وهو يأكل العصفر، فرمى به في كسر البيت، فرآه قد دجن ولم يبرح مكانه ولم ينفر، وإذا رمى إليه طعاما أكله، وإذا رأى لحما نهض إلى يد صاحبه ثم دعى فأجاب فطعم على اليد ، وكانوا يتباهون بحمله، إذ رأى يوما حمأمة فطار إليها من يد حامله فعلقها، فأمر الملك بإتخاذها والتصيد بها، فبينما الملك يسير يوما إذ نفجت أرنب فطار الصقر إليها فأخذها، فطلب بها الطير والأرانب فقتلها، واتخذها العرب بعده، ثم استفاضت في أيدي الناس.
أول من أتخذ الشواهين
صفحة ٨١