مختصر كتاب الاعتصام
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
تصانيف
الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِمْ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِدْعَةٌ أَصْلًا، فَهُمْ -إذًا- الفرقة الناجية.
(الخامس): أَنَّ الْجَمَاعَةَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى أميرٍ، فَأمَرَ ﵊ بِلُزُومِهِ وَنَهَى عَنْ فِراق الأُمة فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ تقديمه عليهم.
وحاصلُه أَنَّ الْجَمَاعَةَ رَاجِعَةٌ إِلَى الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى غَيْرِ سُنَّةٍ خَارِجٌ عَنْ معنى الجماعة المذكورة فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ، كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ جَرَى مُجْرَاهُمْ.
فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ دَائِرَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَهْلِ السنة والاتباع، وأنهم المرادون بالأحاديث.
المسألة الثانية عَشْرَةَ
وَذَلِكَ أَنَّ الْجَمِيعَ اتَّفَقُوا عَلَى اعْتِبَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالِاجْتِهَادِ سواءٌ ضَمُّوا إِلَيْهِمُ الْعَوَامَّ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَضُمُّوا إِلَيْهِمْ فَلَا إِشْكَالَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ إنَّما هُوَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ من العلماء المعتبر اجتهادهم، وَإِنْ ضمُّوا إِلَيْهِمُ الْعَوَامَّ فَبِحُكْمِ التَبَعِ لأنَّهم غير عارفين بالشريعة، فلا بد مِنْ رُجُوعِهِمْ فِي دِينِهِمْ إِلَى الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُمْ لو تمالؤوا عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا حَدُّوا لَهُمْ لَكَانُوا هُمُ الْغَالِبَ وَالسَّوَادَ الْأَعْظَمَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ، لِقِلَّةِ الْعُلَمَاءِ وَكَثْرَةِ الْجُهَّالِ، فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إنَّ اتِّبَاعَ جَمَاعَةِ الْعَوَامِّ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ المفارِقون لِلْجَمَاعَةِ وَالْمَذْمُومُونَ فِي الْحَدِيثِ، بَلِ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَإِنْ قَلُّوا، وَالْعَوَامُّ هُمُ الْمُفَارِقُونَ لِلْجَمَاعَةِ إنْ خَالَفُوا، فَإِنْ وَافَقُوا فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ.
فانظر غَلَطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَالِمٌ،
1 / 131