قال مولانا عز الدين محمد بن إبراهيم: (( الجرح والتعديل مقام صعب لا ينبغي فيه التقليد، وقد وقع فيه تعصب شديد بين أهل المذاهب، والحق أنه لا يقبل الجرح إلا مع بيان سببه، وأن قولهم: فلان كذاب. من الجرح المطلق، لأنهم قد يطلقونه على من يخالفهم، وهم من أهل الصدق، وإذا كانت العداوة بين مؤمنين متفقي العقيدة لم يقبل قول أحدهما في الآخر، ولا شهادته عليه، كيف مع اختلافهما خصوصا في حق المتعاصرين المتجاورين؟ وقد جرح بذلك خلق كثير سيما من كان داعية إلى مذهبه )) (1).
ومن طالع كتب الجرح والتعديل عرف مفسدة التقليد فيهما، وقد عاب قوم على المحدثين كابن معين وغيره الكلام فيهما، وليس كذلك على الإطلاق، إذ هما أصل عظيم عليه مبنى الإسلام، وتأسيس قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، وإنما المعيب من ذلك هو: جرح العدل بمجرد المخالفة في الاعتقاد، كفعل الجوزجاني (2) وغيره من النواصب، أو رد حديثه بشدة التعنت في التعديل، وقد وصم بذلك كثير من الفضلاء، وهو في القدماء كثير، وفي المتأخرين من أتباع الأئمة الأربعة، حيث يخالف الحديث مذهب أئمتهم.
وإذا تعارضا قدم الجارح، إن كان سببه مبينا وعدده أكثر إجماعا، وكذا إن تساويا أو كان الجارح أقل، وقيل: يطلب الترجيح، فأما عند إثبات سبب معين، أو نفيه فالترجيح لا غير، ويبطلان بجرح المعدل أو الجارح.
ومن المهم معرفة طبقات الرواة ومواليدهم ووفياتهم وبلدانهم ومذاهبهم وكنى المسمين، وأسماء المكنين، ومن اسمه كنيته، ومن كثرت كناه أو نعوته، ومن وافقت كنيته اسم أبيه، أو العكس، أو كنيته كنية زوجته كأبي سلمة وأم سلمة ، ومن نسب إلى غير أبيه، أو إلى غير من يسبق الفهم إليه، ومن اتفق اسمه واسم أبيه وجده، أو اسم شيخه وشيخ شيخه، ومن اتفق اسم شيخه والراوي عنه.
صفحة ٢٤