اليعملة: الناقة العمولة في سرعة المشي أي أسرعت وتغشمرت: تعسفت وأخذت قصدًا وغير قصدٍ، والإنكاح هو: الجمع.
يقول: جمعت بين خف ناقتي وبين الحصا الصم التي كانت في الفلاة المذكورة، وعسفت بي السهل والجبل؛ حتى أوصلتني إليك.
لو كنت حشو قميصي فوق نمرقها ... سمعت للجن في غيطانها زجلا
النمرق: الوسادة التي يعتمد عليها الراكب. والزجل: الصوت. وحشو قميصي: أي وسطه.
يقول: لو كنت أيها الممدوح مكاني فوق رحل هذه الناقة، لسمعت صوت الجن في غيطان هذه المفاوز!
حتى وصلت بنفسٍ مات أكثرها ... وليتني عشت منها بالذي فضلا
يقول: كنت على الحال الموصوفة، حتى وصلت إليك بنفس مات أكثرها تعبًا وخوفًا، ولم يبق منها إلا فضلٌ أخشى عليه، لأني وقيت ما مر بي ولا آمن أن يكون عاقبته الهلاك. وغرضه بهذه الأبيات الامتنان عليه بما ناله من ذلك.
أرجو نداك ولا أخشى المطال به ... يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا
قوله: أرجو: أي راجيًا، في موضع نصب لأنه في موضع الحال.
يقول: جبت هذه المفاوز إليك ثقة بك، إنك لا تمطل بوعدك، وإنك تجزل العطاء؛ لأنك إذا وهبت الدنيا تستقلها فكأنك قد بخلت.
وقال أيضًا في صباه في الحماسة والفخر:
كم قتيلٍ كما قتلت شهيدٍ ... ببياض الطلى وورد الخدود
الطلى: الأعناق، واحدها طلية. وتقدير البيت: كم قتيلٍ شهيدٍ ببياض الطلى وورد الخدود؛ كما قتلت أنا؛ يعتذر في قتل الهوى إياه. ويقول: لست بأول قتيل الهوى فكم من قتيلٍ شهيد! قتل ببياض الأعناق وحمرة الخدود! وجعل القتل بسبب الهوى شهادة أخذه من الحديث من عشق وعف مات وهو شهيد.
وعيون المها ولا كعيونٍ ... فتكت بالمتيم المعمود
المها: بقر الوحش، واحدتها مهاة. والفتك: القتل غيلة. والمتيم: الذي استعبده الحب. والمعمود الذي أصيب عمود قلبه وهو وسطه بالحب. وجر عيونًا: عطفًا على ورد الخدود.
يقول: كم قتيلٍ ببياض الطلى، وورد الخدود. وعيون المها: وهي بقر الوحش من حسنها، وملاحتها ولا كعيون النساء التي أصابتني وقتلتني غيلة، بل هذه أحسن منها، فضل هذه العيون على عيون المها. وقيل: أراد بالمها: الحسان العيون من النساء. ثم فضل العيون التي قتلته على تلك العيون.
در در الصبا أيام تجري ... ر ذيولي بدار أثلة عودي
الدر في أصل اللغة: اللبن. ثم استعمل في كل خير.
كأنه يقول على وجه الدعاء: كثر خير الصبا. ثم نادى فقال: أأيام تجريري والهمزة الأولى حرف النداء، والرواية تجريري بدار أثلة موصلة الألف بالراء كقوله تعالى: عادًا الأولى، وروى بدار الأثلة عودي قيل: الأثلة. مكان بالكوفة، وقيل: بالشام. وقيل: إن أثلة بغير ألف ولام، وروى قتلة وهي اسم امرأة. وعودي: أمر من العود، وهو: خطاب للأيام.
يقول مخاطبًا لأيامه التي مضت مستعيدًا لها: يا أيام بطالتي حين كنت أسحب ذيلي بهذا المكان، عودي إلي وارجعي فإني مشتاق إليك.
عمرك الله هل رأيت بدورًا ... قبلها في براقعٍ وعقود
أصله: تعميرك الله، وهو مصدر من عمرك الله تعميرًا، إلا أنه حذف ما كان زائدًا، ورده إلى تركيب الكلمة. فقال: عمرك الله فكأنه قال: سألت الله تعميرك. أيها الصاحب، هل رأيت بدورًا مثل هؤلاء النساء اللواتي هن بدورًا في الحسن والبهاء في براقع وعقود؟! لأن البراقع والعقود من آلة النساء، ولم تعد في البدور.
رامياتٍ بأسهم ريشها الهد ... ب تشق القلوب قبل الجلود
رامياتٍ: في موضع نصب صفة لبدور.
يقول لصاحبه: هل رأيت بدورًا ترمى بسهام؟! قدودها الهدب، وهي تشق القلوب قبل الجلود! بخلاف سائر السهام التي تصيب الجلود قبل القلوب. وعني بالسهام: العيون. وهو مأخوذ من قول كثير:
رمتني بسهم ريشه الهدب لم يصب ... ظواهر جلدي وهو في القلب جارح
يترشفن من فمي رشفاتٍ ... هن فيه أحلى من التوحيد
1 / 15