( 11) حدثنا الحسن ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا إسحاق أبو حذيفة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، وعبد الله بن عباس ، وجويبر ، عن الضحاك عن ابن عباس ، وسعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، بحديث نوح عليه السلام وقصته ، فزاد بعضهم على بعض ، واختلف بعضهم ، فقال بعضهم : كانت نبوته وعمره من يوم ميلاده إلى أن مات ألف سنة إلا خمسين عاما ، وكان بعث في الألف الثاني ، فذلك كان بينه وبين آدم عليه السلام عشرة قرون وعشرة آباء ، فزعم بعضهم أن آدم عليه السلام لم يمت حتى ولد نوح في آخر الألف الأول من أيام الدنيا ، لأن الله صنع الدنيا على سبعة أيام كل يوم مقدار ألف سنة من أيام الدنيا ، وكان قد عاش آدم عليه السلام ألف سنة إلا أربعين سنة ، فمات قبل أن تمضي الألف الأولى ، فولد نوح عليه السلام في الألف الأولى قبل موت آدم عليه السلام ، وبعث في الألف الثاني وهو ابن أربع مائة وثمانين سنة ،فبعث وقد ذهب من الألف الثاني أربع مائة وستة وأربعون سنة ، فلبث في قومه كما قال الله جل وعز ألف سنة إلا خمسين عاما ، فذلك ألف سنة وثلاث مائة سنة وست وتسعون سنة منذ ولد إلى أن أغرق الله الدنيا ، وعاش بعد ذلك تسعين سنة لنهاية ألف وأربع مائة وست وثمانين سنة ، فكان موته في الألف الثالث بعد أربع مائة وست وأربعين سنة ، من الألف الثالث ، فكأن نوح بينه وبين آدم عشرة قرون وعشرة آباء ، فكان نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلابيل بن قينان بن أنوشر بن شيث بن آدم عليهم السلام ، فبعثه الله رسولا وهو أول رسول بعثه الله جل وعز ، { ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} وكان قد فشت فيهم المعاصي وكثرت الجبابرة وعتوا عتوا كبيرا ، وكان نوح عليه السلام يدعوهم ليلا ونهارا سرا وعلانية ، وكان صبورا حليما ، ولم يلق أحد من الأنبياء أشد مما لقى نوح ، فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه حتى يترك وقيذا ، ويضرب في المجالس ، ويطرد ، وكان لا يدع على ما يصنع به أن يدعوهم ، ويقول : يا رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، فكان لا يزيدهم ذلك إلا فرارا منه ، حتى إنه ليكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه ، ويجعل أصابعه في أذنيه لكي لا يسمع شيئا من كلامه ، فذلك قوله تعالى {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم} لهم وهم وقزف ثم قاموا في المجلس فأسرعوا المشي ، وقال : امضوا فإنه كذاب قال : واشتد عليه البلاء ، وكان ينتظر القرن بعد القرن ، والجيل بعد الجيل ، فلا يأتي قرن إلا وهو أخبث من الأول وأعتى من الأول ، ويقول الرجل منهم : قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا قبل آبائنا ، فلم يزل هكذا مجنونا وكان الرجل منهم إذا أوصى عند الوفاة يقول لأولاده : احذروا هذا المجنون فإنه قد حدثني آبائي أن هلاك الناس على يدي هذا ، فكانوا كذلك يتوارثون الوصية بينهم ، حتى إن كان الرجل ليحمل ولده على عاتقه ثم يقف به عليه ، فيقول : يا بني إن عشت ومت أنا فاحذر هذا الشيخ ، فإنه مجنون ، ويكون هلاك الناس على يدي هذا ، قال : فلما أن طال ذلك بهم وبه ، قالوا : يا نوح ما نراك جئتنا بشئ يعتقد ، فما كثرة دعائك بالذي يزيدنا منك إلا بعدا وفرارا منك ، وما أنت إلا مجنون أو مسحور ، فلما أن طال ذلك بهم وبه : {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا } فإنا لن نؤمن بك و{إن كنت من الصادقينقال إنما يأتيكم به الله إن شاء } وما حلم ربي عنكم إلا أنكم لستم عنه بمعجزين يعني لا تسقونه إذا أرادكم ، { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} .
صفحة ١١