( 18) حدثنا الحسن ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال :وأخبرنا مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، وعن محمد بن إسحاق ، عن رجال سماهم ، وعثمان بن الساج ، عن الكلبي ، كل يحدث عن قصة هود ، كيف بعثه الله من بعد نوح ؟ قال : وأخبرني الحسن بن عمارة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن مسعود ، قال : كذب النسابون ، كذب النسابون ، ثم قرأ هذه الآية : " { ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله } فليس يعلم ذلك أحد إلا الله جل وعز " قال ذلك حذيفة ورفع الحديث إلى قول محمد بن إسحاق ، ومقاتل ، وجويبر ، وسعيد ، عاد وهود ، قالوا جميعا : إن عادا كانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله جل وعز ، ذلك إنما عبدت الأصنام العرب أصنام قوم نوح بعد نوح ، فتفرقوا في عبادتهم الأوثان ، وفرقوا أصنام قوم نوح بينهم ، فكانت هذيل بن مدركة بن خزرق اتخذوا سواع إلها يعبدونه ، وكانت لهم برهاط من أرض ينبع بالحجاز ، وكانت كلب وبرة من قضاعة اتخذوا ودا إلها يعبدونه بدومة الجندل ، وكانت أنعم من طيئ وأهل جرش من مذحج من تلك القبائل من أهل اليمن ، الذين اتخذوا يغوث إلها يعبدونه بارض همدان في اليمن ، وكانت ذو الكلاع اتخذوا لها نسرا إلها يعبدونه من دون الله ، وكان قوم هود وهم عاد أصحاب أصنام يعبدونها من دون الله جل وعز اتخذوا أصناما على مثال ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا ، فاتخذوا صنما يقال لها : صمود ، وصنما يقال له : الهبار ، فبعث الله إليهم هودا ، وكان هود من قبيلة يقال لها : الخلود ، فبعثه الله إليهم ، وكان من أوسطهم نسبا ، وأفضلهم موضعا ، وأشرفهم نفسا ، وأصبحهم وجها ، وكان في مثل أجسامهم ، أبيض جعدا ، بادئ العنقفة ، طويل اللحية ، فدعاهم إلى الله ، وأمرهم أن يوحدوا الله ، ولا يجعلوا مع الله إلها غيره ، وان يكفوا عن ظلم الناس ، لم يأمرهم فيما ذكروا والله أعلم بغير ذلك ، ولم يدعهم على شريعة ولا إلى ضلالة ، فأبوا ذلك وكذبوه ، فقالوا : من أشد منا قوة ؟ فيقول الله عز وجل : { وكانوا بآياتنا يجحدون }وقال لهم هود فيما ذكر الله من خبره وقصته لرسوله : { وإلى عاد أخاهم هودا } الآية كان من قومهم ، ولم يكن أخاهم في الدين فقال { يا قوم اعبدوا الله } يعني وحدوا الله ولا تشركوا به شيئا { ما لكم } ليس لكم {من إله غيره أفلا تتقون} يعني فكيف لا تتقون ، { واذكروا إذ جعلكم خلفاء} يعني سكانا في الأرض ، {من بعد قوم نوح } فكبف لا تعتبروا فتؤمنوا ؟ وقد علمتم ما نزل بقوم نوح من النقمة حين عصوه ، واذكروا ما آتى إليكم {وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله} يعني هذه النعم { لعلكم تفلحون} أي كي تفلحوا ، وكانت منازلهم وجماعتهم حيث بعث نبي الله هود فيهم بالأحقاف ، والأحقاف الرمل فيما بين عمان على حضر موت باليمن كله ، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الرض كلها ، وقهروا أهلها ، واستخدموا قوتهم التي أتاهم الله ، يقول الله عز وجل { واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف } يعني دكادك الرمل حيث منازلهم ، وقال حسان يعني ابن ثابت الأنصاري " وإن أخا الأحقاف إن يعذلونه يجاهد في ذات الإله ويعدل أخبر أن الحقف في لغة العرب الرمل ، وقال ثواب الثعلبي أخبر أن الحقف : الرمل ، أي كل يوم أسهم في رمية عكرات حقف الرمل المتجاور ، فلم يتبعوه ولم يجيبوه ، واتبعه منهم أناس يسير ، يكتمون إيمانهم ، وكان ممن يأمن به ويصدقه رجل من عاد يقال له : مرثد بن سعد بن عفير ، ويقال : غفير وكان يكتم إيمانه ، فلما عتوا على الله وكذبوا نبيهم وأكثروا في الأرض الفساد ، وتجبروا ، ووكانوا يبنون المصانع لكل طريق ، فذلك قوله جل وعز : { أتبنون بكل ريع } يعني بكل طريق { آية تعبثون }يعني عبثا بغير نفع { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } يعني كأنكم تخلدون ، فكلمهم هود عليه السلام ، وقال : { وإذا بطشتم بطشتم جبارين } يعني أشداء قتالين { فاتقوا الله وأطيعون } قال : فلم يجيبوه ، وردوا عليه ما دعاهم إليه { قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } ما هذا الذي تأتي به إلا جنون من بعض آلهتنا هذه التي نعبد قال هود عليه السلام : { إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه } إني كفرت بآلهتكم التي تزعمون أنها رمتني بالجنون فلتصيبي بما هو أعظم من ذلك إن كنتم صادقين ، إني فكرت أنتم وهي ، { جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم } فلما فعلوا ذلك
أسال الله عنهم القطر ، وكانوا قوما سيارة في البلاد ، أصحاب العمود ، يتبعون الكلأ والماء أيام الربيع ، فإذا هاج العود انصرفوا إلى دكادك الرمل ، وهي الأحقاف بأرض اليمن ، وهي حضر موت .
19) حدثنا الحسن ، قال : ثنا إسماعيل ، قال : قال إسحاق : وحدثني ابن جريج المكي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله : " ألا أدلكم على خير واد في الأرض ؟ " قالوا : بلى قال : " واد بأرض الهند ، يقال له : نوذبة ، هبط آدم من الجنة عليه " ثم قال : " ألا أدلكم على شر واد في الأرض ؟ " قالوا : بلى قال : " واد باليمن يقال له : حضر موت ، حيث دكادك الرمل بها هلكت عاد " .
صفحة ١٨