مثال الضروري من التصور العلم بزيد ونحو ذلك مما لا يحتاج إلى تحديد. ومن التصديق: العلم بأن الكل أكثر من الجزء، وأن الظلم قبيح،والعدل حسن، وشكر النعمة، وقضاء الدين واجب، ونحوه. ومثال: المكتسب من التصور العلم بماهية العالم والقديم والمحدث ونحو ذلك مما لا يعلم إلا بالحد. ومن التصديق: العلم بأن العالم محدث وأن الله قادر، ونحو ذلك مما لا يعلم إلا بالدليل.
فصل
وطريق اكتساب علم التصور الحد إن كان المطلوب العلم بالماهية مفصلا والرسم إن كان المطلوب مجرد تمييزها عن غيرها، والشرح الذي هو الحد اللفظي إن كان المطلوب العلم بالماهية مجملا.
والحد: قول مؤلف من ذاتيات الشيء الكاشفة عن ماهيته كما إذا حددت الخمر بأنه شراب معتصر /6/ من العنب مسكر كثيره، فإن هذه الأوصاف ذاتية للخمر، ومعنى كونها ذاتية أنه لا يعقل، ولا يكون خمرا إلا بها حتى لو رفعتها عن ذهنك لما أمكنك تصور الخمر.
والرسم: قول مؤلف من عرضيات الشيء المميزة له عن غيره كما إذا حددت الخمر بأنه شديد يقذف بالزبد يحفظ في الدن أحمر ونحو ذلك، وكما إذا حددت الإنسان بأنه المنتصب القامة العريض الأظفار الماشي على رجلين الضاحك ونحو ذلك، فإن هذه الأشياء عرضية ومعنى كونها عرضية أنه يمكن أن تعقل الماهية من دونها، فهي في حكم العارضة الخارجة عن الماهية.
وهذه العرضيات تنقسم إلى لوازم كالولادة للإنسان والزوجية والفردية للعدد، ونحو ذلك.
ومفارقات، وهي ضربان: مستمرة، كسواد الزنجي، وبياض الكافور. وزائلة، كصفرة الذهب وحمرة الخجل.
والشرح هو إيراد لفظ مرادف للفظ آخر أجلأ منه عند السائل كما إذا قيل ما الذابل، فقلت الرمح. وطريق اكتساب علم التصديق الأدلة، وسيأتي الكلام فيها.
فصل
ولا بد أن ينتهي الاكتساب إلى الضرورة في طرفي التصور والتصديق وإلا لم تنقطع المطالبة بما في التصوريات، وبلم في التصديقيات، بل كان يحتاج كل حد إلى حد، وكل دليل إلى دليل.
صفحة ١٠