[أقسام علم التصديق]
وقال الشيخ الحسن بن أحمد بن متويه: لا يجب ذلك إلا في أصول الأدلة؛ لأن كثيرا من المسائل لا تستند إلى أصل ضروري كالعلم بالصانع، فإنه ينبني على كون أحدنا فاعلا وليس بضروري على التفصيل، وكذلك كونه قادرا ينبني على كوننا قادرين، وليس بضروري.
قال: وما هذا حاله من الأدلة فإنما يجب على المستدل أن ينهي الخصم إلى ما إذا نظر فيه علم.
قال: ومثال ما ينتهي إلى أصل ضروري، دليل العدل، فإنه ينبني على أن من علم قبح الفعل واستغنى عنه فإنه لا يفعله، وهو ضروري، وكذلك استدلالنا على نفي الظلم عن الله تعالى بأنه لو فعله لاستحق الذم، فإن استحقاق الذم على ذلك ضروري في الشاهد.
وعلى الجملة فأكثر المسائل تنبني على أصل ضروري. ولقائل أن يقول أنه ما لم ينته إلى أصل ضروري لم تنقطع المطالبة. وقوله: إن الواجب منا أن ينتهي الخصم إلى ما إذا نظر فهي علم هو صحيح لكنا إذا قلنا للخصم: انظر إلى ما أنهيناك إليه تعلم كان ذلك استدلالا منا على أن ذلك المنظور فيه دليل، واستدلالنا هذا لا شك مستند إلى الضرورة، وهي الوجدان من النفس، فإن حين نظرنا فيه، وجدنا أنفسنا عالمة عند النظر فيه حتى لو لم نجد ذلك من أنفسنا /7/ لكان للخصم أن يقول: قد نظرت فيما أنهيتموني إليه، فلم أعلم، ونصدقه فيما قال وما ذكره رحمه الله تعالى من المثال، فهو صحيح، لكنه يمكن استناده إلى أصل ضروري، وإن كثرت مراتبه فإنا وإن لم نعلم كون أحدنا فاعلا ضرورة فإنا نستدل على ذلك بما يستند إلى الضرورة، وهو أن فعله يدل على قصده وداعيه وأنه يمدح ويذم عليه ونحو ذلك.
فصل
وعلم التصور مقدم على علم التصديق؛ لأن من لا يعلم ماهية
المقرين لا يمكنه ينسب أحدهما إلى الآخر بنفي ولا إثبات.
فصل
وينقسم علم التصديق إلى: عقلي، كالعلم بوجوب رد الوديعة، وقبح الظلم، وحدوث العالم.
وشرعي: كالعلم بوجوب الصلاة وتحريم النبيذ.
صفحة ١١