الطعام، يا سيدي ما لي سواها!
قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها، فأخذ الركوة وملأها، وتوضأ وصل أربع ركعات، ثم مالي إلى كثيب رمل هناك، فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويشرب (1) فقلت: أطعمني من فضل ما رزقك الله وأنعم الله عليك (2)! فقال: يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة وباطنة، فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني (3) الركوة، فشربت منها فإذا سويق وسكر ما شربت - والله - ألذ منه وأطيب ريحا (4)، فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخل (5) مكة، فرأيته ليلة إلى جانب قبة السراب (6) نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح، ثم قام إلى صلاة الفجر، وطاف بالبيت أسبوعا، وخرج فتبعته فإذا (7) له حاشية وأموال (8) وغلمان، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس يسلمون عليه ويتبركون به فقلت لبعضهم: من هذا؟ فقال: موسى بن جعفر عليهما السلام، فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب (9) إلا لمثل هذا السيد، رواه الحنبلي (10).
صفحة ٥٨