المخالف والمؤالف.
قال ابن الجوزي من الحنابلة عن شقيق البلخي، قال خرجت حاجا في ستة تسع وأربعين ومائة، فنزلت " القادسية "، فإذا شاب حسن الوجه، شديد السمرة، عليه ثوب صوف، مشتمل بشملة، في رجليه نعلان، وقد جلس منفردا عن الناس، فقلت في نفسي:
هذا الفتي من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس، والله لأمضين إليه وأوبخه (1) فدنوت منه، فلما رآني مقبلا، قال: يا شقيق! اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم (2)! فقلت في نفسي: هذا عبد صالح قد نطق على (3) ما في خاطري، لألحقنه ولأسألنه أن يحللني (4)، فغاب عن عيني.
فلما نزلنا (واقصة)، إذا به يصلي (5) وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تتحادر (6)، فقلت:
أمضي إليه وأعتذر، فأوجز في صلاته، ثم قال: يا شقيق، وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، فقلت: هذا من الأبدال قد تكلم على سري مرتين (7).
(فلما نزلنا " زبالة " إذا به قائم على البئر (8)) وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء، فسقطت الركوة في البئر، فرفع طرفه (9) إلى السماء، وقال: أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء، وقوتي إذا أردت
صفحة ٥٧