============================================================
نسب تخسب العلا بحلاه قلدتها نجومها الجؤزاء هذذا (نسب) عظيم، بل لا أطهر ولا أجل منه في الأنساب، وهو: اسم لعمود القرابة الذي يجمع متفرقها (تحسب) أيها المخاطب؛ آي: تظن (العلا) جمع علياء تأنيث أعلى كما مر (بحلاه) - بضم أوله وكسره وهو أفصح- جمع حلية بكسر أوله؛ أي: بسبب حلى ذلك النسب (قلدتها) - أي: العلا- في محل مفعول (تحسب) الثاني، والأول (العلا)، (نجومها) أي : بنجومها (الجوزاء) اسم لبرج في السماء كما في " القاموس"، وعليه فنجومه هي الاتية، وتطلق عرفا على النجوم المجتمعة المعروفة، قيل: وهي تشبه المرآة، فلذا نسب التقليد إليها، وحينئذ لا بدع أن ينسب إلى الشيء من حيث هو مجموع أنه قلد غيره كلأ من تلك الأفراد التي اشتمل عليها، أو يقال: إن المراد بنجومها هنا : ما حواليها من النجوم التي تسمى: نطاق الجوزاء ، وقبة الجوزاء، كما قال القائل: (من البسيط) لؤ لم تكن قبة الجوزاء خدمته لما رأيت عليها عقد منتطق أي : من كمال هذا السب وشرفه آن من تأمل فيه حسب بسبب ما تحلى به من الكمالات: أن معاليه قلدتها الجوزاء بنجومها؛ أي: جعلت نجومها قلادة لها، فعلم : أن كلامه يفيد أن كل واحد من أولسئك الآباء الكرام قد ارتفع في زمانه حتى صار كأنه النجم في الشرف وعلو المرتبة والإضاءة والاهتداء به في ظلمات البر والبحر، حتى يظن الظان أنه نجم من نجوم الجوزاء، وأن ذلك النسب متناسب كتناسب العقد وكاستدارة نجوم الجوزاء ، وأن مجموع هذا النسب كالعقد الثمين جدا الذي تقلده عنق تلك المراتب العلية، فعلم من هلذا مع ما قدمته في مبحث الاستعارة ما في هذا البيت من أنواعها البالغة الغاية في البلاغة، كاستعارة نجوم الجوزاء المتتابعة كتتابع ذلك النسب في الشرف وعلو المرتبة: ولما قرر آن مجموع ذلك النسب له كالعقد الثمين الذي تقلدته تلك المراتب العلية.. أخذ في مدح ذلك فقال :
صفحة ٤٣