لكَانَتْ ائمة تدعوا الى النَّار وَهَذَا حَال من تفرغ مِنْهَا كَمَا هومشاهد بالعيان وَسَوَاء كَانَ الْمَعْنى وخضتم كالحزب الَّذِي خَاضُوا اَوْ كالفريق الَّذِي خَاضُوا فَإِن الَّذِي يكون للْوَاحِد وَالْجمع وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ اولئك هم المتقون لَهُم مَا يشاؤن عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ لَكِن لَا يجرى على جمع تَصْحِيح فَلَا يَجِيء الْمُسلمُونَ الَّذِي جاؤوا وَإِنَّا يَجِيء غَالِبا فِي اسْم الْجمع كالحزب والفريق اَوْ حَيْثُ لَا يذكر الْمَوْصُوف وان كَانَ جمعا كَقَوْل الشَّاعِر
وَإِن الَّذِي جَاءَت تقبح دِمَاؤُهُمْ ... هم الْقَوْم كل الْقَوْم يَا أم خَالِد
اَوْ حَيْثُ يُرَاد الْجِنْس دون الْوَاحِد وَالْعدَد كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ﴾ ثمَّ قَالَ ﴿أُولَئِكَ هم المتقون﴾ وَنَظِيره الاية الَّتِي نَحن مِنْهَا وَهِي قَوْله ﴿وخضتم كَالَّذي خَاضُوا﴾ اَوْ كَانَ الْمَعْنى على القَوْل الاخر وخضتم خوضا كالخوض الَّذِي خَاضُوا فَيكون صفة لمصدر مَحْذُوف كَقَوْلِك اضْرِب كَالَّذي ضرب واحسن كَالَّذي احسن ونظائره وعَلى هَذَا فَيكون الْعَائِد مَنْصُوبًا محذوفا وحذفه فِي مثل ذَلِك قِيَاس مطرد على الْقَوْلَيْنِ فقد ذمه سُبْحَانَهُ على الْخَوْض بِالْبَاطِلِ وَاتِّبَاع الشَّهَوَات وَاخْبَرْ ان من كَانَت هَذِه حَالَته فقد حَبط عمله فِي الدُّنْيَا والاخرة وَهُوَ من الخاسرين وَنَظِير هَذَا قَول اهل النَّار لاهل الْجنَّة وَقد سألوهم كَيفَ دخلوها قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين وَلم نك نطعم الْمِسْكِين وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين فَذكرُوا الاصلين الْخَوْض بِالْبَاطِلِ وَمَا يتبعهُ من التَّكْذِيب بِيَوْم الدّين وايثار الشَّهَوَات وَمَا يستلزمه من ترك الصَّلَوَات واطعام ذَوي الْحَاجَات فهذان الاصلان هماما هما وَالله ولي التَّوْفِيق
فصل وَالْقلب السَّلِيم الَّذِي ينجو من عَذَاب الله هُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم
من هَذَا وَهَذَا فَهُوَ الْقلب الَّذِي قد سلم لرَبه وَسلم لامره وَلم تبْق فِيهِ مُنَازعَة لامره وَلَا مُعَارضَة لخبره فَهُوَ سليم مِمَّا سوى الله وَأمره لَا يُرِيد الا الله وَلَا يفعل إِلَّا مَا أمره الله فَالله وَحده غَايَته وامره وشرعه وسيلته وطريقته لَا تعترضه شُبْهَة تحول بَينه وَبَين تَصْدِيق خَبره لَكِن لَا تمر عَلَيْهِ إِلَّا وَهِي مجتازة تعلم انه لَا قَرَار لَهَا فِيهِ وَلَا شَهْوَة تحول بَينه وَبَين مُتَابعَة رِضَاهُ وَمَتى كَانَ الْقلب كَذَلِك فَهُوَ سليم من الشّرك وسليم من الْبدع وسليم من الغي وسليم من الْبَاطِل وكل الاقوال الَّتِي قيلت فِي تَفْسِيره فَذَلِك يتضمنها وَحَقِيقَته انه الْقلب الَّذِي قد سلم لعبودية ربه حَيَاء وخوفا وَطَمَعًا ورجاء ففنى بحبه عَن حب مَا سواهُ وبخوفه عَن خوف مَا سواهُ وبرجائه عَن رَجَاء مَا سواهُ وَسلم لامره
1 / 41