وَلِرَسُولِهِ تَصْدِيقًا وَطَاعَة كَمَا تقدم واستسلم لقضائه وَقدره فَلم يتهمه وَلم ينازعه وَلم يتسخط لاقداره فَاسْلَمْ لرَبه انقيادا وخضوعا وذلا وعبودية وَسلم جَمِيع احواله واقواله واعماله واذواقه ومواجيده ظَاهرا وَبَاطنا من مشاكة رَسُوله وَعرض مَا جَاءَ من سواهَا عَلَيْهَا فَمَا وافقها قبله وَمَا خالفها رده وَمَا لم يتَبَيَّن لَهُ فِيهِ مُوَافقَة وَلَا مُخَالفَة وقف امْرَهْ وأرجأه الى ان يتَبَيَّن لَهُ وَسَالم أولياءه وَحزبه المفلحين الذابين عَن دينه وَسنة نبيه القائمين بهَا وعادى اعداءه الْمُخَالفين لكتابه وَسنة نبيه الخارجين عَنْهُمَا الداعين الى خلافهما
فصل وَهَذِه الْمُتَابَعَة هِيَ التِّلَاوَة الَّتِي اثنى الله على اهلها فِي قَوْله
تَعَالَى ان الَّذين يَتلون كتاب الله وَفِي قَوْله إِن الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته اولئك يُؤمنُونَ بِهِ وَالْمعْنَى يتبعُون كتاب الله حق اتِّبَاعه وَقَالَ تَعَالَى اتل مَا اوحى اليك من الْكتاب واقم الصَّلَاة ﴿وَقَالَ﴾ إِنَّمَا امرت ان اعبد رب هَذِه الْبَلدة الَّذِي حرمهَا وَله كل شَيْء وَأمرت ان اكون من الْمُسلمين وان اتْلُوا الْقُرْآن فحقيقة التِّلَاوَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع هِيَ التِّلَاوَة الْمُطلقَة التَّامَّة وَهِي تِلَاوَة اللَّفْظ وَالْمعْنَى فتلاوة اللَّفْظ جُزْء مُسَمّى التِّلَاوَة الْمُطلقَة وَحَقِيقَة اللَّفْظ إِنَّمَا هِيَ الِاتِّبَاع يُقَال اتل اثر فلَان وتلوت اثره وقفوته وقصصته بِمَعْنى تبِعت خَلفه وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا أَي تبعها فِي الطُّلُوع بعد غيبتها وَيُقَال جَاءَ الْقَوْم يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا أَي يتبع وسمى تالي الْكَلَام تاليا لانه يتبع بعض الْحُرُوف بَعْضًا لَا يُخرجهَا جملَة وَاحِدَة بل يتبع بَعْضهَا بَعْضًا مرتبَة كلما انْقَضى حرف اَوْ كلمة اتبعهُ بِحرف آخر وَكلمَة اخرى وَهَذِه التِّلَاوَة وَسِيلَة وَطَرِيقَة وَالْمَقْصُود التِّلَاوَة الْحَقِيقِيَّة وَهِي تِلَاوَة الْمَعْنى واتباعه تَصْدِيقًا بِخَبَرِهِ وائتمارا بأَمْره وانتهاء بنهيه وائماما بِهِ حَيْثُ مَا قادك انقدت مَعَه فتلاوة الْقُرْآن تتَنَاوَل تِلَاوَة لَفظه وَمَعْنَاهُ وتلاوة الْمَعْنى اشرف من مُجَرّد تِلَاوَة اللَّفْظ وَأَهْلهَا هم اهل الْقُرْآن الَّذين لَهُم الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا والاخرة فَإِنَّهُم اهل تِلَاوَة ومتابعة حَقًا
فصل ثمَّ قَالَ تَعَالَى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا ونحشره
يَوْم الْقِيَامَة اعمى لما أخبر سُبْحَانَهُ عَن حَال من اتبع هداه فِي معاشه ومعاده اخبر عَن حَال من اعْرِض عَنهُ وَلم يتبعهُ فَقَالَ وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا أَي عَن الذّكر الَّذِي انزلته فالذكر هُنَا مصدر مُضَاف الى الْفَاعِل كقيامي وقراءتي لَا الى الْمَفْعُول وَلَيْسَ الْمَعْنى وَمن اعْرِض
1 / 42