فَمن تبع هُدَايَ فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَفِي الاية الاخرى قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعًا فاما ياتينكم مني هدى فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى وَمن اعْرِض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا نحشره يَوْم الْقِيَامَة اعمى قَالَ رب لم حشرتني اعمى وَقد كنت بَصيرًا قَالَ كَذَلِك اتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى فَلَمَّا كَسره سُبْحَانَهُ باهباطه من الْجنَّة جبره وَذريته بِهَذَا الْعَهْد الَّذِي عَهده اليهم فَقَالَ تَعَالَى فاما يَأْتينكُمْ مني هدى وَهَذِه هِيَ ان الشّرطِيَّة الْمُؤَكّدَة بِمَا الدَّالَّة على استغراق الزَّمَان وَالْمعْنَى أَي وَقت وَأي حِين اتاكم من يهدى وَجعل جَوَاب هَذَا الشَّرْط جملَة شَرْطِيَّة وَهِي قَوْله فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى كَمَا تَقول إِن زرتني فَمن بشرني بقدومك فَهُوَ حر وَجَوَاب الشَّرْط يكون جملَة تَامَّة أما خَبرا مَحْضا كَقَوْلِك ان زرتني اكرمتك اَوْ خَبرا مَقْرُونا بِالشّرطِ كَهَذا اومؤكدا بالقسم اَوْ بِأَن وَاللَّام كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن اطعتموهم انكم لمشركون واما طلبا كَقَوْل النَّبِي اذا سَالَتْ فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه وَقَوله وَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا وَقَوله تَعَالَى وَإِذا حللتم فاصطادوا فَإِذا انْسَلَخَ الاشهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَأكْثر مَا يَأْتِي هَذَا النَّوْع مَعَ إِذا الَّتِي تفِيد تَحْقِيق وُقُوع الشَّرْط لسر وَهُوَ افادته تحقيقالطلب عِنْد تَحْقِيق الشَّرْط فَمَتَى تحقق الشَّرْط فالطلب مُتَحَقق فَأتى بإذا الدَّالَّة على تَحْقِيق الشَّرْط فَعلم تَحْقِيق الطّلب عِنْدهَا وَقد يَأْتِي مَعَ ان قَلِيلا كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن كَذبُوك فَقل لي عَمَلي وَلكم عَمَلكُمْ واما جملَة انشائية كَقَوْلِه لعَبْدِهِ الْكَافِر ان اسلمت فانت حر ولامرأته ان فعلت كَذَا فانت طَالِق فَهَذَا انشاء لِلْعِتْقِ وَالطَّلَاق عِنْد وجود الشَّرْط على رَأْي اَوْ انشاء لَهُ حَال التَّعْلِيق ويتأخر نُفُوذه الى حِين وجود الشَّرْط على رَأْي آخر وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فجواب الشَّرْط جملَة انشائية وَالْمَقْصُود ان جَوَاب الشَّرْط فِي الاية الْمَذْكُورَة جملَة شَرْطِيَّة وَهِي قَوْله فَمن اتبع هُدَايَ فلاخوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَهَذَا الشَّرْط يقتضى ارتباط الْجُمْلَة الاولى بِالثَّانِيَةِ ارتباط الْعلَّة بالمعلول وَالسَّبَب بالمسبب فَيكون الشَّرْط الَّذِي هُوَ ملزوم عِلّة ومقتضيا للجزاء الَّذِي هُوَ لَازم فَإِن كَانَ بَينهمَا تلازم من الطَّرفَيْنِ كَانَ وجود كل مِنْهُمَا بِدُونِ دُخُول الاخر مُمْتَنعا كدخول الْجنَّة بالاسلام وارتفاع الْخَوْف والحزن والضلال والشقاء مَعَ مُتَابعَة الْهوى وَهَذِه هِيَ عَامَّة شُرُوط الْقُرْآن وَالسّنة فَإِنَّهَا اسباب وَعلل وَالْحكم ينتفى بِانْتِفَاء علته وَإِن كَانَ التلازم بَينهمَا من اُحْدُ الطَّرفَيْنِ كَانَ الشَّرْط ملزوما خَاصّا وَالْجَزَاء لَازِما عَاما فَمَتَى تحقق الشَّرْط الْمَلْزُوم الْخَاص تحقق الْجَزَاء اللَّازِم الْعَام وَلَا يلْزم الْعَكْس كَمَا يُقَال ان كَانَ هَذَا انسانا فَهُوَ حَيَوَان وَإِن كَانَ البيع صَحِيحا فالملك ثَابت وَهَذَا غَالب مَا يَأْتِي فِي قِيَاس الدّلَالَة حَيْثُ يكون الشَّرْط دَلِيلا على الْجَزَاء فَيلْزم من وجوده وجود الْجَزَاء لَان الْجَزَاء لَازمه وَوُجُود الْمَلْزُوم يسْتَلْزم وجود اللَّازِم وَلَا يلْزم من عَدمه عدم الْجَزَاء وان
1 / 33