خُرُوجه وَإِخْرَاج بنيه من بُسْتَان هَذَا شَأْنه وَلَكِن من قَالَ بِهَذَا وَإِنَّمَا كَانَت جنَّة لَا يلْحقهَا آفَة وَلَا تَنْقَطِع ثمارها وَلَا تغور انهارها وَلَا يجوع ساكنها وَلَا يظمأ وَلَا يضحى للشمس وَلَا يعرى وَلَا يمسهُ فِيهَا التَّعَب وَالنّصب والشقاء وَمثل هَذِه الْجنَّة يحسن لوم الانسان على التَّسَبُّب فِي خُرُوجه مِنْهَا قَالُوا واما اعتذار آدم ﵊ يَوْم الْقِيَامَة لأهل الْموقف بِأَن خطيئته هِيَ الَّتِي اخرجته من الْجنَّة فَلَا يحسن ان يستفتحها لَهُم فَهَذَا لَا يسْتَلْزم ان تكون هِيَ بِعَينهَا الَّتِي اخْرُج مِنْهَا بل إِذا كَانَت غَيرهَا كَانَ أبلغ فِي الِاعْتِذَار فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْخُرُوج من غير جنَّة الْخلد حصل بِسَبَب الْخَطِيئَة فَكيف يَلِيق استفتاح جنَّة الْخلد والشفاعة فِيهَا ثمَّ خرج من غَيرهَا بخطيئة فَهَذَا موقف نظر الْفَرِيقَيْنِ وَنِهَايَة أَقْدَام الطَّائِفَتَيْنِ فَمن كَانَ لَهُ فضل علم فِي هَذِه المسئلة فليجد بِهِ فَهَذَا وَقت الْحَاجة اليه وَمن علم مُنْتَهى خطوته وَمِقْدَار بضاعته فليكل الامر الى عالمه وَلَا يرضى لنَفسِهِ بالتنقيص والازراء عَلَيْهِ وَليكن من اهل التلول الَّذين هم نظارة الْحَرْب إِذا لم يكن من أهل الْكر والفر والطعن وَالضَّرْب فقد تلاقت الفحول وتطاعنت الاقران وضاق بهم المجال فِي حلبة هَذَا الميدان
إِذا تلاقى الفحول فِي لجب ... فَكيف حَال الغصيص فِي الْوسط
هَذِه معاقد حجج الطَّائِفَتَيْنِ مجتازة ببابك واليك تساق وَهَذِه بضائع تجار الْعلمَاء يُنَادي عَلَيْهَا فِي سوق الكساد لَا فِي سوق النِّفَاق فَمن لم يكن لَهُ بِهِ شَيْء من اسباب الْبَيَان والتبصرة فَلَا يعْدم من قد استفرغ وَسعه وبذل جهده مِنْهُ التصويب والمعذرة وَلَا يرضى لنَفسِهِ بشر الخطتين وابخس الحظين جهل الْحق وأسبابه ومعاداة اهله وطلابه وَإِذا عظم الْمَطْلُوب وأعوزك الرفيق الناصح الْعَلِيم فارحل بهمتك من بَين الاموات وَعَلَيْك بمعلم إِبْرَاهِيم فقد ذكرنَا فِي هَذِه المسئلة من النقول والادلة والنكت البديعة مَا لَعَلَّه لَا يُوجد فِي شَيْء من كتب المصنفين وَلَا يعرف قدره الا من كَانَ من الْفُضَلَاء المنصفين وَمن الله سُبْحَانَهُ الاستمداد وَعَلِيهِ التَّوَكُّل واليه الِاسْتِنَاد فَإِنَّهُ لَا يخيب من توكل عَلَيْهِ وَلَا يضيع من لَاذَ بِهِ وفوض امْرَهْ اليه وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل
فصل وَلما اهبطه سُبْحَانَهُ من الْجنَّة وَعرضه وَذريته لانواع المحن وَالْبَلَاء
اعطاهم افضل مِمَّا مَنعهم وهوعهده الَّذِي عهد اليه وَإِلَى بنيه وَأخْبر انه من تمسك بِهِ مِنْهُم صَار الى رضوانه وَدَار كرامته قَالَ تَعَالَى عقب اخراجه مِنْهَا قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى
1 / 32