قوله: (وإلا وجب إذا أراد أحدنا كون الجهل علما أن يكون كذلك) يعني كما أنها لما كانت مؤثرة في كون الكلام خبرا اراد كونه خبرا وجب ذلك، واعلم أن الذي يؤثر في الأفعال من صفات الفاعل هي كونه مرتدا، وقد أبطل أن يكون المؤثرة في كون الاعتقاد علما وبأمرها في وجوه الأفعال، وكونه قادرا لا يصح أن تكون هي المؤثر في كون الاعتقاد الواقع عن العالم بالمعتقد علما؛ لانه كان يلزم تأثيرها مع عدم علمه، ويرد على هذا أن يقال: وما أنكرتم من كونه شرطا ولأنها لا تؤثر إلا في كون وقوع الفعل لا في وقوعه على وجه، وفيه نظر لا تهم، قد جعلوها مؤثرة في الأحكام والعلم شرطا مع أنه وجه فعل وما ذكره المصنف وهو قوله: وإلا وجب في كل قادر أن يكون اعتقاده علما، يعني إذا كان المؤثر كونه قادرا علىالإعتقاد في كون ذلك الاعتقاد علما لزم في كل اعتقاد مما يؤخذه كل قادر أن يكون علما ومعلوم خلافه، وأيضا فإن القادرية لابد من تقدمها على الاعتقاد، فلا يؤثر في وجهه إذ ن حق ما يؤثر في وجوه الأفعال أن يقارن ولم يبق من صفات الفاعل إلا كونه كارها وكونه عالام مما له تأثير، وكونه كارها تأثيرها في كون الكلام هاهنا، وتهديدا فلم يبق إلا أن يكون المؤثر في كون الاعتقاد علما كونه عالما بمعتقده، ويرد على هذا الوجه سؤال وهو أن يقال: يلزمكم لو قدرنا أن الله جل وعلى فعل فينا جهلا بمعتقد أن يكون ذلك الاعتقاد علما؛ لأنه من فعل العالم بالمعتقد.
والجواب: أن المراد إن علمه بالمعتقد يؤثر في كون الاعتقاد المطابق الذي يفعله علما ولابد من اشتراط الطرفين فلو فعل فاعل اعتقادا مطابقا وهو غير عالم بالمعتقد أو فعل اعتقادا غير مطابق مع أنه عالم بالمعتقد لم يكن ذلك الاعتقاد علما، وهذه الوجوه التي ذكرها الشيخان واتفق عليها.
صفحة ٩٥