فصل
قوله: (والوجوه التي يقع عليها الإعتقاد فيصير علما ستة ثلاثة اتفق عليها الشيخان والجمهور وهي الأولى منها، ووجهان زادهما أبو عبد الله وهما الرابع والخامس، وأما السادس فخرج على مذهب أبي هاشم، ويصح جعل الإعتقاد علما لإيقاعه بكل واحد منها من الواحد منا ولا يصح إيقاع الله الإعتقاد علما إلا من وجه واحد وهو الوجه الثالث. فالوجه الأول وقوعه عقيب النظر والواسطة هنا أي الذي أثر الفاعل في صفة العلم بواسطته هو النظر عند القاضي وابن مثوبة وغيره من تلامذته وهو الذي يقضي به كلام السيد الإمام، قالوا: ولا مانع من أن يفارق النظر غيره من الأسباب بأن أثر في نفس المسبب وهو الإعتقاد وفي وقوعه على وجه وهو كونه علما وأن يفارق غيره مما يؤثر في وجوه الأفعال بأنه متقدم على الإعتقاد مع إيجابه وقوعه على وجه وليس كذلك ما يؤثر في الحسن والقبيح ونحوهما من وجوه الأفعال فإنه لا بد من مقاربته، وذهب الشيخ أبو رشيد إلى أن المؤثر في كون الإعتقاد علما كون الناظر ناظرا وهي الصفة الموجبة عن النظر، وقد جرى لابن مثوبة مثله؛ لأنه قال مستدلا على أن لأحدنا بكونه ناظرا حالا راجعه إلى الجملة وبعد، فإذا ثبت أن لكونه ناظرا تأثيرا في وقوع الإعتقاد علما فيجب رجوعه إلى صفة الجملة، وهذا خلاف ما نص عليه.
صفحة ٨٥