فقال: «عبد المطلب»: إنى رب الإبل (أى صاحبها) وإن للبيت ربا
سيحميه. قال «أبرهة»: ما كان ليمتنع منى، فرد عليه «عبد المطلب»:
أنت وذاك، ثم رد «أبرهة» الإبل لعبد المطلب.
أمر «عبد المطلب» قريشا بالخروج من «مكة»، والاحتماء فى شعاب
الجبال، وتوجه هو إلى باب «الكعبة»، وتعلق به مع نفر من قريش
يدعون الله ويستنصرونه، وانطلق جيش «أبرهة» نحو «مكة»، وحينما
اقترب منها برك الفيل الأكبر الذى يتقدم الجيش رافضا الدخول،
وتعبوا فى إجباره على اقتحام «مكة»، وكانوا عندما يوجهونه إلى
جهة غير «مكة» ينهض ويهرول.
ثم شاء الله أن يهلك «أبرهة» وجيشه، فأرسل عليهم جماعات من
الطير، أخذت ترميهم بحجارة، فقضت عليهم جميعا، وتساقطوا
كأوراق الشجر الجافة الممزقة، كما حكى ذلك القرآن الكريم: [ألم تر
كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل
عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف
مأكول]. [سورة الفيل].
مولد النبى - صلى الله عليه وسلم -:
وفى يوم الاثنين الموافق (12 من شهر ربيع الأول سنة 570م) (عام
الفيل) ولدت «آمنة» وليدها، يتلألأ النور من وجهه الكريم، أكحل
أدعج مختونا، يرنو ببصره إلى الأفق، ويشير بسبابته إلى السماء،
فهرولت قابلته، وهى «أم عبد الرحمن بن عوف» إلى جده «عبد
المطلب» تزف إليه البشرى، وتنقل إليه ذلك الخبر السعيد، فكاد
الرجل الوقور يطير من الفرحة، وفرح الهاشميون جميعا، حتى إن عمه
«أبالهب» أعتق الجارية «ثويبة» التى أبلغته الخبر، وكانت أول من
أرضعت خير البشر.
سمى «عبد المطلب» حفيده «محمدا»، وهو اسم لم يكن مألوفا أو
منتشرا فى بلاد العرب، ولما سئل عن ذلك، قال: رجوت أن يكون
محمودا فى الأرض وفى السماء.
طفولته وصباه:
فى اليوم السابع لميلاد النبى - صلى الله عليه وسلم - أمر جده بجزور
فنحرت، وأقام حفلا دعا إليه كبار رجالات «قريش» احتفاء بهذا
صفحة ١٠