مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام

الهنتاتي ت. 833 هجري
232

مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام

تصانيف

الفقه

وأما ما عرض به من تقديم الجهال على العلماء، وانحصر العلم فيه بزعمه، فكذلك الخطط من الفتيا والخطابة والتدريس والإمامة، وما للناس بعده إلا ما فضل بعده، والمومن الذي إذا غضب لا يحمله غضبه أن يخرج عن الحق، وإذا رضي لا يحمله رضاه على الدخول في باطل. وانظر كيف يصف من خالفه في تحليل هذه المظلمة الشنيعة بأوصاف تخرجه عن جميع العلوم والكمالات؟، وهو مع ذلك متواتر عنه التحلية بالفقه والسؤدد، فمن لاهل المكوس والخيانات.

قال. وفي مثل هذا القسم أنشد الشيخ أبو حيان رحمه الله :

بلينا بقوم صدروا في المجالس ... لاقراء علم ضل عنهم مراشده

لقد أخر التصدير عن مستحقه ... ... وقدم غمر جامد الذهن خامده (92=230/أ)

وسوف يلاقى من سعى في جلوسهم ... من الله عقبى ما أكنت عقائده

علا عقله فيهم هواه أما درى ... بأن هوى الإنسان للنار قائده(¬1)

أقول: انظر إلى عظيم ما ارتكب هذا السيخ من التعويض لأمير المومنين بأنه قدم الجهال على العلماء، والجهال على زعمه كل من خالفه في هذه القضية، وهو عالم الدنيا وحده في زعمه. ثم انظر إلى تمثله بقوله: وسوف يلاقي من سعى في جلوسهم... إلى آخره، هل قصد به غير أمير المؤمنين أيده الله؟ الذي أجمع أهل عصره على فضله. ثم انظر إلى قوله: علا عقله فيهم هواه، كيف نسبه إلى أن هواه غلب عقله، ثم انظر إلى قوله: وقدم غمر جامد العين خامده، هل ترك من الهجو شيئا؟ فزن هذا بما تقدم من النظم يتبين لك أيهما أهجى. على أن ما تقدم لنا من الكلام إنما هو في المسألة والمقالة، وتبيين الحق والتحذير منها. وقلت جوابا للتمثيل:

بلاؤك في فتواك أكبر محنة ... ... ولكنما مقويك دقت مكائده

وتصديرك الخطب العظيم ولم تزل ... ... جريئا على الحق المبين تعانده

صفحة ٣١٥