( واختلف) القائلون بتفضيل الأنبياء على الملائكة هل الملائكة أفضل من سائر المؤمنين أم المؤمنون أفضل منهم احتج من قال بأفضلية الملائكة بقوله تعالى ((بل هم عباد مكرمون)) ([16]) وفيه أن وصفهم بالإكرام لا يقتضي نفيه عن غيرهم وبقوله تعالى ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون)) ([17]) (واستدل) القائلون بتفضيل المؤمنين على الملائكة بقوله تعالى حكاية عنهم ((نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) ([18]) أي نخدمكم فيهما وفيه أن من يخدم أحدا لا يستلزم أن يكون المخدوم أفضل منه (فإن سيد القوم خادمها) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما خدم غيره كما هو مشهور في كتب التواريخ وبقوله تعالى ((إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين)) ([19]) وفيه أنه اصطفاء للأنبياء على سائر العالمين لا لعامة المؤمنين عليهم. وبما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((المؤمن من بني آدم أفضل عند الله من جميع الملائكة))([20]) وهذا دليل صريح في تفضيلهم على الملائكة لكنه خبر واحد لا يوجب العلم ولا يقال: إنه مردود بظاهر قوله تعالى ((لا يعصون الله ما أمرهم))([21]) لأنه إخبار عن كونهم لا يعصون لا عن تفضيلهم على غيرهم فلا تنافي ولبعضهم:
حرمة المسلم فاقت= حرمة البيت الحرام
وله الإعزاز في الدنيا= وفي دار المقام
صفحة ٣٩