فصل في محادثة الإخوان
==============
إن رمت أن تحدثا بما مضى أو حدثا
لتؤنس الأصحابا فأحسن الخطابا
واختصر العبارة ولا تكن مهذارا
واختر من الكلام ما لاق بالمقام
من فائق العلوم ورائق المنظوم
واذكر من المنقول ما صح في المعقول
واجتنب الغرائبا كيلا تظن كاذبا
والزم له السكاتا واحسن له الإنصاتا
ولا تكن ملتفتا عنه إلى أن يسكتا
وإن أتى بنقل سمعته من قبل
فلا تقل هذا الخبر علمته فيما غبر
ولا تكذب ما روى ودع سبيل من غوى
***
فصل في ممازحة الإخوان
==============
المزح والدعابة من شيم الصحابة
فإنه في الخلق عنوان حسن الخلق
تولي به السرورا خليلك المصدورا
فامزح مزاح من قسط وكن على حد وسط
واجتنب الإيحاشا ولا تكن فحاشا
فالفحش في المزاح ضرب من التلاح
يجر للسخيمة والظنة الوخيمة
وجانب الإكثارا وحاذر العثارا
فكثرة الدعابة تذهب بالمهابة
وعثرة اللسان توقع بالإنسان
واحمل مزاح الإخوة وخل عنك النخوة
فالبسط في المصاحبة يفضي إلى المداعبة
وإن سمعت نادرة فلا تفه ببادرة
لا تغضبن فالغضب في المزح من سوء الأدب
وانظر إلى المقام وقائل المقام
فإن يكن وليا وصاحبا صفيا
فقوله وإن نبا فهو الولاء المجتبى
وإن يكن عدوا مكاشحا مجفوا
فقوله وإن حلى هو البلاء المجتلا
ألا ترى للعرب تقول عند العجب
قاتله الله ولا تقول ذاك عن قلا
***
فصل في ضيافة الإخوان
==============
إذا الصديق طرقا من غير وعد سبقا
فقدمن ما حضر فليس في البر خطر
ولا ترم تكلفا خير الطعام ما كفى
واعلم بأن الألفة مسقطة للكلفة
وإن دعوت فاحتفل ولا تكن كمن بخل
وقم بحق الضيف في شتوة أو صيف
وأسأل له ما يشتهي من طرف التفكه
وأت بما يقترح فاللطف لا يستملح
واعمل بقول الأول الضيف رب المنزل
وأظهر الإناسا ولا تكن عباسا
فالبشر واللطافة خير من الضيافة
وخدمة الأضياف سجية الأشراف
إحرص على سرورهم بالبسط في حضورهم
لا تشك دهرا عندهم ولا تكدر ودهم
واحلم عن الخدام والعبد والغلام
وإن أساؤ الأدبا كيلا يروك مغضبا
وقدم الخوانا وأكرم الإخوانا
عن إنتظار من يجي فذاك فعل الهمج
وقد رووا فيما ورد أعظم ما يضني الجسد
صفحة ٨