وهذه الشباك في ضمنها هلاك فكابدوا المجاعة وأنتظروني ساعة
حتى أرى واختبر والفوز حق المصطبر
فأعرضوا عن قوله واستضحكوا من حوله
قالوا وقد خط القدر للسمع منهم والبصر
ليس على الحق مرا حب معد للقرا
ألقي في التراب للأجر والثواب
ما فيه من محذور لجائع مضرور
أغدوا على الغذاء فالجوع شر داء
فسقطوا جميعا للقطه سريعا
وما دروا أن الردى أكمن في ذاك الغدا
فوقعوا في الشبكة وأيقنوا بالهلكة
وندموا وما الندم مجد وقد زل القدم
فأخذوا في الخبط لحل ذاك الربط
فالتوت الشباك والتفت الأشراك
فصاح ذاك الناصح ما كل سعي ناجح
هذا جزاء من عصى نصيحه وانتقصا
للحرص طعم مر وشره شمر
وكم غدت أمنية جالبة منية
فقالت الجماعة دع الملام الساعة
إن أقبل القناص فما لنا مناص
والفكر في الفكاك من ورطة الهلاك
أولى من الملام وكثرة الكلام
وما يفيد اللاحي في القدر المتاح
فاحتل على الخلاص كحيلة إبن العاص
فقام ذاك الحازم طوع النصوح لازم
فإن أطعتم نصحي ظفرتم بالنجح
وإن عصيتم أمري خاطرتم بالعمر
فقال كل هات فكرك بالنجاة
جميعنا مطيع وكلنا سميع
وليس كل وقت يزول عقل الثبت
فقال لا تحركوا فتستمر الشبكوا
واتفقوا في الهمة لهذه الملمة
حتى تطيروا بالشبك وتأمنوا من الدرك
ثم الخلاص بعد لكم علي وعد
فقبلوا مقاله وامتثلوا ما قاله
واجتمعوا في الحركة وارتفعوا بالشبكة
فقال سيروا عجلا سيرا يفوت الأجلا
ولا تملوا فالملل يعوق فالخطب جلل
فأمهم وراحوا كأنهم رياح واقبل الحبال
في مشيه يختال يحسب أن البركة
قد وقعت في الشبكة
فأبصر الحماما قد حلقت أمامه
وقلت الحبالة وأوقعت خباله
فعض غيضا كفه على ذهاب الكفه
فراح يعدو خلفها يرجو اللحاق سفها
حتى إذا ما أيسا عاد وهو مبتئسا
وأقبل الحمام كأنه غمام
على فلاة قفر من الأنام صفر
فقالت الحمامة بشراكم السلامة
هذا مقام الأمن من كل خوف يعني
فإن أردتم فقعوا لا يعتريكم فزع
فهذه المومات لنا بها النجات
صفحة ٥