فاحمله خير محمل فعل الرجال الكمل وإن رأيت وهنا فلا تسمهم طعنا
فالطعن بالكلام عند أولي الأحلام
أنفذ في الجنان من طعنة السنان
فعد من زلاتهم وسد من خلاتهم
سل عنهم إن غابوا وزرهم إن آبوا
واستنب عن أحوالهم وعف عن أموالهم
أطعهم إن أمروا وصلهم إن هجروا
فقاطع الوصالا كقاطع الأوصالي
إن نصحوك فاقبل وإن دعوك أقبل
واصدقهم في الوعد فالخلف خلف الوغد
واقبل إذا ما اعتذروا إليك مما ينكر
وارع صلاح حالهم واشفق على محالهم
وكن له غياثا اذ الزمان عاثا
***
فصل في الحث على إعانة الإخوان
===================
حقيقة الصديق تعرف عند الضيق
وتخبر الإخوان إذا جفى الزمان
لا خير في إخاء يكون في الرخاء
وإنما الصداقة في العسر والإضاقة
لا تدخر المودة إلا ليوم الشدة
ولا تعد الخلة إلا لسد الخلة
أعن اخاك واعضد وكن له كالعضد
لا سيما إن قعدا به زمان أو عدا
بئس الخليل من نكل عن خله إذا اتكل
لا تجف في حال أخا ضن الزمان أو سخا
وإن شكى من خطبه فرم من اللطف به
وكن له كالنور في ظلمة الديجور
ولا تدع ولا تذر ما تستطيع من نظر
حتى يزول الهم ويكشف الملم
إن الصديق الصادقا من فرج المضائقا
وأكرم الإخوانا إذا شكوا هوانا
وأسعف الحميما وحمل العظيما
وأنجد الأصحابا إن ريب دهر رابا
أعانهم بماله ونفسه وآله
ولا يرى مقصرا في بذل مال أو قرا
فعل أبي امامة في خله الحمامة
فإن اردت فاسمع لكي تعي
حكاية الفأر والحمامة
حكى أريب عاقل لكل فضل ناقل
عن سرب طير سارب
من الحمام الراعبي
بكر يوما سحرا وسار حتى أصحرا
في طلب المعاش وهو ربيط الجاش
فأبصروا على الثرا حبا منقا نثرا
فأحمدوا الصباحا واستيقنوا النجاحا
فأسرعوا إليه وأقبلوا عليه
حتى إذا ما اصطفوا حذاءه أسفوا
فصاح منهم حازم لنصحهم ملازم
مهلا فكم من عجلة أدنت لحي أجله
تمهلوا لا تقعوا وأنصتوا لي واسمعوا
آليتكم بالرب ما نثر هذا الحب ؟
في هذه الفلات إلا لخطب عاتي
إني أرى حبالا قد ضمنت وبالا
صفحة ٤