حكاية الدب
=======
روى أولوا الأخبار عن رجل سيار
أبصر في صحراء فسيحة الأرجاء
دبا عظيما موثقا في سرحة معلقا
يعوي عواء الكلب من شدة وكرب
فأدركته الشفقة عليه حتى أطلقه
وحله من قيده لأمنه من كيده
ونام تحت الشجرة منام من قد أضجره
طول الطريق والسفر فنام من فرط الضجر
فجاء ذاك الدب عن وجهه يدب
فقال هذا الخل جفاه لا يحل
أنقذني من أسري وفك قيد عسري
فحقه أن أرصده من كل سوء قصده
فأقبلت ذبابة ترن كالربابة
فوقعت لحينه على شفار عينه
فجاش غيظ الدب وقال لا وربي
لا أدع الذبابا يسيمه عذابا
فأسرع الدبيبا لصخرة قريبه
فقلها وأقبلا يسعى إليه عجلا
حتى إذا حاذاه صك بها محذاه
ليقتل الذبابة قتلا بلا إرابه
فرض منه الرأسا وفرق الأضراسا
وأهلك الخليلا بفعله الجميلا
فهذه الرواية تنهى عن الغواية
في طلب الصداقة عند أولي الحماقة
إذ كان فعل الدب هذا لفرط الحب
وجاء في الصحيح نقلا عن المسيح
عالجت كل أكمه وأبرص مشوه
لكنني لم أطق قط علاج الأحمق
فصل في صحبة الكذاب
==============
صحابة الكذاب كلامع السراب
يخلق ما يقول معلومه مجهول
يقرب البعيدا ويأمن الوعيدا
ويبعد القريبا ويأمن المريبا
يحلف ثم يخلف فلا يمين كلف
يمين في اليمين وليس بالأمين
وفي كلام الأدباء العلماء النجباء
لم ير في القبائح وجملة الفضائح
كالكذب أوهى سببا ولا أضل مذهبا
ولا أعز طالبا ولا أذل صاحبا
يسلم من يعتصم به ومن يلتزم
طلوعه أفول وفضله فضول
غليله لا ينقع وخرقه لا يرقع
صاحبه مكذب وفي غد معذب
فجانب الكذابا وأوله اجتنابا
واسمع حديثا عجبا في
في رفض من قد كذبا
حكاية الفتى البغدادي مع الأمير المهلبي
======================
روى أولو الأخبار وناقلو الآثار
عن حدث ذي أدب وخلق مهذب
يسكن في بغداد في نعمه تلادي
فارق يوما والده وطرفه وتالده
وحل أرض البصرة بلوعة وحسرة
فظل فيها حائرا يكابد المرائرا
صفحة ١٠