منازل الحور العين في قلوب العارفين برب العالمين
الناشر
بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية
مكان النشر
الرياض
تصانيف
(لوْ لَمْ أخلُق جَنَّةً ولا نارًا ألَمْ أكُنْ أهْلًا أنْ أُعْبَد) (١).
فهذا يبين حقيقة معنى (لا إله إلا الله) بحيث أنْ تتخيّل أنْ ليس عند معبودك حُوُرٌ وقصورٌ ومآكل ومشارب وما إلى ذلك مما في (الجنة المخلوقة) فكيف تكون محبتك له سبحانه؟!.
إن الذي خلق الله له عباده هو أن تُفضي محبة قلوبهم وشوقهم إليه لذاته بالقصد الأول، وإنما يعرف ذلك مَنْ عَرَفَ معنى كلمة التوحيد وما يتصف به الإله الحق سبحانه من صفات الجمال والجلال والكمال، فتأمل الآن ما ورَد في الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال عن رؤية أهل الجنة لربهم تعالى: (فَمَا أُعطُوا شَيئًا أحَبّ إليهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ) (٢).
ومعلوم أن المراد هنا هم أهل الجنة، والمعنى ظاهر واضح في أنه سبحانه لم يُعطهم في الجنة المشتملة على الحور العين والنعيم المقيم شيئًا أحب إليهم من النظر إلى وجهه، وحَسْبك أن تتفكر فيما جاء عنه ﷺ أنه قال عن ربه تعالى: (حجابه النور لوْ كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) (٣)؛ والسُّبُحَاتُ بضمِّ السين والباء ورفع التاء في آخره
(١) أورده شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ٦/ ٦٨، وأورده ابن القيم في: شفاء العليل ١/ ١٠٩، ومدارج السالكين ٢/ ٧٥، ومفتاح دار السعادة ٢/ ٨٧، ١٢٣. (٢) رواه مسلم برقم (١٨١) من حديث صهيب الرومي ﵁. (٣) رواه مسلم برقم (١٩٧) من حديث أبي موسى الأشعري ﵁.
1 / 4