الثاني: قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) * (1)، مع قوله تعالى:
* (فاستشهدوا شهيدين من رجالكم) * (2)، ومفهومه أنه لا بد أن يكون عدلا ليؤخذ خبره، إذ لا واسطة في نفس الأمر بين الفسق والعدالة، والشهادة من أقسام الخبر، والتقريب ما مر.
ويمكن الجواب عنه بمثل ما مر، لكن العلة المنصوصة يشكل معها الاكتفاء بمثل حسن الظاهر بهذا المقدار.
ولا يرد عليه ما أورده المجيب هاهنا، إذ هو من قبيل مفهوم الشرط.
وأما ما يقال من أنه يدل على أن من لم يعلم فسقه يجب قبول خبره وشهادته فهو مدفوع بما ذكرنا أولا.
الثالث: أن العدالة معتبرة في الإمام والشهادة، بالإجماع والآيات والأخبار.
ولا ريب أن المراد من ذلك ليس معناها اللغوي، بل هي أمر شرعي، فلا تحصل براءة الذمة من هذا التكليف إلا بملاحظة ذلك، والتفتيش والتفحص حتى يحصل العلم بذلك، أو الظن الغالب.
ويمكن دفعه بأن البراءة اليقينية غير لازمة، بل يكفي الظنية، وقد عرفت أن الأخبار يحكم بذلك.
الرابع: ما رواه الصدوق (رحمه الله) في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عز وجل عليها النار، من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك. والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في
صفحة ٨٣