ويمكن أن يمنع أولا اتحاد الموجب في المطلق والمقيد.
ويجاب ثانيا بأن ما اعتبرناه من عدم ظهور الفسوق بل وحسن الظاهر أيضا شئ زائد على نفس الاسلام، كما لا يخفى، فالعدل هو ما كان كذلك، كما دل عليه الأخبار.
وقد يجاب عن ذلك بعد تسليم أن العدالة شئ غير ما ذكر بأنه لا يشترط العلم بوجودها، بل يكفي عدم العلم بانتفائها عن المسلم، والعدالة في الآية من قبيل مفهوم الوصف، وليس بشرط حتى ينتفي المشروط بانتفائه، فتكون الشهادة بدون ذلك باطلة.
وفيه: أن ذلك يوجب انطواء باب التقييد، وقد وقع في ذلك التوهم غير هذا المجيب أيضا.
والتحقيق في ذلك: أن الحمل على ذلك ليس من جهة مفهوم الوصف، بل من جهة أن الحكم إنما تعلق بالقيد، وبدونه لا يحصل الامتثال بذلك الأمر المقيد، فيبقى المكلف مشغولا ذمته بالإتيان بذلك المقيد.
ومع ذلك، فلا ريب أنه يحصل الامتثال من جهة المطلق أيضا، لوجوده في ضمن المقيد، وليس كذلك العكس.
وحصول الامتثال من جهة المطلق ولو في غير هذا الفرد إنما هو من جهة إطلاقه، وظاهره الذي لا يأبى عن إتيانه في ضمن المقيد، فيكون المقيد المانع عن الإتيان في ضمن غيره من أفراد المطلق قرينة على التقييد، مع أن المقيد نص، والنص مقدم على الظاهر.
هذا، مع أن العلامة في النهاية (1) ادعى الاجماع على حجية مثل هذا المفهوم، وأيضا التخصيص، والتقييد أولى من سائر أفراد المجاز، مع أن حجية مفهوم الوصف إنما يجوز منعها لو لم يكن هناك قرينة على حجيته، وشاهد الحال والمقال، سيما بملاحظة الآية الأخرى، يحكمان بذلك.
صفحة ٨٢