فاليومَ أشرَبْ غيرَ مُسْتَحْقبٍ ... إثمًا من الله ولا واغِلِ
وعلى هذا التَّخفيف قراءة أبي عمرو: ﴿أَرِنَا اللَّذَيْنِ﴾ [فصلت: ٢٩] وقراءة حفص: ﴿وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ﴾ [النور: ٥٢] وإنَّ هذا السّكونَ إنّما هو تخفيف؛ لأنَّ المحلَّ ليس محل سكون؛ لأنَّ الأصل يتَّقيه، ﴿وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا﴾ [البقرة: ١٢٨]، ومنه قول الشَّاعر:
أرْنا إداوةَ عبدِ اللهِ نملؤُها ... من ماءِ زمزمَ إنَّ القومَ قد ظمئوا
وقول الآخر:
ومَنْ يتَقْ فإنَّ اللَهَ مَعْهُ ... ورزقُ الله مؤتابٌ وغادِ
وقول الراجز:
قالتْ سليمى اشترْ لنا سَويقا ... وهاتِ خَبْزَ البُّرِّ أو دقيقا
وقوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ كأنَّهم قالوا: بِمَ نتوب إلى بارئنا توبةً يقبلها منا؟ قيل لهم: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾، أو الفاء للتعقيب لأنّ هذا القتل -عقب الذنب- هو الذي حصلت به التوبة، وأصل القتل في لغة العرب: إزهاق الروح بشرط أنْ يكون من فعل فاعل كالطعن، والضرب، والخنق، وما جرى مجرى ذلك، أما إزهاق الروح بلا سبب من شربٍ أو نحوه، فهو: موت وهلاك،