المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل
محقق
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
٩ - وحملنا عَلَيْهِ الْجَار فِي الحَدِيث الأول وَهُوَ حمل سَائِغ فِي اللُّغَة
ثمَّ إِن الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح الْمُقَابل للراجح الظَّاهِر قد يكون بَعيدا عَن الْإِرَادَة وَقد يكون قَرِيبا مِنْهَا وَقد يكون متوسطا بَين الطَّرفَيْنِ
فالاحتمال الْبعيد يحْتَاج فِي حمل اللَّفْظ عَلَيْهِ إِلَى دَلِيل قوي لتجبر قُوَّة الدَّلِيل ضعف الِاحْتِمَال فيقويان على الِاسْتِيلَاء على الظَّاهِر وَالِاحْتِمَال الْقَرِيب يَكْفِيهِ فِي ذَلِك أدنى دَلِيل وَالِاحْتِمَال الْمُتَوَسّط يَكْفِيهِ دَلِيل متوسط بَين الدَّلِيلَيْنِ قُوَّة وضعفا وَبِالْجُمْلَةِ فالغرض من دَلِيل التَّأْوِيل أَن يكون بِحَيْثُ إِذا انْضَمَّ إِلَى احْتِمَال اللَّفْظ المأول اعتضد أَحدهمَا بِالْآخرِ واستوليا على الظَّاهِر وقدما عَلَيْهِ فَمَا كَانَ فِي احْتِمَال اللَّفْظ من ضعف جبر بِاعْتِبَار قُوَّة فِي الدَّلِيل وَمَا كَانَ فِيهِ من قُوَّة سومح بِقَدرِهِ من الدَّلِيل وَالْمُعْتَمد قبالة المعتدل فهما يحصلان الْغَرَض
ثمَّ إِن هَذَا الدَّلِيل الْمُرَجح إِمَّا أَن يكون قرينَة أَو ظَاهرا أَو قِيَاسا فَأَما الْقَرِينَة فإمَّا أَن تكون مُتَّصِلَة أَو مُنْفَصِلَة
فمثال الْمُتَّصِلَة مَا رَوَاهُ صَالح وحنبل عَن أَحْمد قَالَ كلمت الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة الْهِبَة فَقلت إِن الْوَاهِب لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع فِيمَا وهب لقَوْله ﷺ الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه وَكَانَ الشَّافِعِي يرى أَن لَهُ الرُّجُوع فَقَالَ لَيْسَ بِمحرم على الْكَلْب أَن يعود فِي قيئه قَالَ أَحْمد فَقلت لَهُ فقد قَالَ النَّبِي ﷺ فِي
1 / 189