المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل
محقق
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
صدر الحَدِيث الْمَذْكُور لَيْسَ لنا مثل السوء فَسكت الشَّافِعِي
وَمِثَال الْقَرِينَة الْمُنْفَصِلَة مَا ذكره الْفُقَهَاء فِيمَن جَاءَ من أهل الْجِهَاد بمشرك فَادّعى أَنه أَمنه وَأنْكرهُ الْمُسلم فَادّعى أسره فَفِيهِ أَقْوَال ثَالِثهَا القَوْل قَول من ظَاهر الْحَال صدقه فَلَو كَانَ الْكَافِر أظهر قُوَّة وبطشا وشهامة من الْمُسلم جعل ذَلِك قرينَة فِي تَقْدِيم قَوْله مَعَ أَن قَول الْمُسلم لإسلامه وعدالته أرجح وَقَول الْكَافِر مَرْجُوح لَكِن الْقَرِينَة الْمُنْفَصِلَة عضدته حَتَّى صَار قَوْله أقوى من قَول الْمُسلم الرَّاجِح
وَأما الظَّاهِر فَمن أمثلته قَوْله تَعَالَى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ الْمَائِدَة ٣ فَإِنَّهُ ظَاهر فِي تَحْرِيم جلدهَا دبغ أَو لم يدبغ مَعَ احْتِمَال أَن الْجلد غير مُرَاد بالمعوم احْتِمَالا مترددا لَهُ من جِهَة أَن إِضَافَة التَّحْرِيم إِلَى الْميتَة يَقْتَضِي تَحْرِيم الْأكل وَالْجَلد غير مَأْكُول يَقْتَضِي عدم تنَاول الْجلد وَمن جِهَة أَن عُمُوم اللَّفْظ قوي متناول لجَمِيع أَجْزَائِهَا يَقْتَضِي تنَاول الْجلد ثمَّ نَظرنَا فِي قَوْله ﵇ أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر فَهُوَ عُمُوم وَظَاهر بتناول إهَاب الْميتَة فَكَانَ هَذَا الظَّاهِر مقويا لاحْتِمَال عدم إِرَادَة جلد الْميتَة من الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي التَّحْرِيم
وَمِثَال النَّص قَوْله ﵇ فِي شَاة مَيْمُونَة أَلا أَخَذْتُم إهابها فدبغتموه فانتفعتم بِهِ فَقَالُوا إِنَّهَا ميتَة قَالَ إِنَّمَا حرم من الْميتَة أكلهَا فَهَذَا نَص فِي طَهَارَة جلد الْميتَة
1 / 190