المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل
محقق
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
الثَّانِي الظَّاهِر وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة وَنَفس الْأَمر الشاخص الْمُرْتَفع وَمِنْه قيل لأشراف الأَرْض ظواهر
وَالظَّاهِر خلاف الْبَاطِن وكما أَن الْمُرْتَفع من الْأَشْخَاص هُوَ الظَّاهِر الَّذِي تتبادر إِلَيْهِ الْأَبْصَار فَكَذَلِك الْمَعْنى الْمُتَبَادر من اللَّفْظ هُوَ الظَّاهِر الَّذِي تتبادر إِلَيْهِ البصائر والأفهام وَأما إِطْلَاق الظَّاهِر على اللَّفْظ الْمُحْتَمل أمورا هُوَ فِي أَحدهَا أرجح فَهُوَ اصْطِلَاح لَا حَقِيقَة وَإِنَّمَا هُوَ فِي اسْتِعْمَال الْفُقَهَاء ويعرفونه بِأَنَّهُ اللَّفْظ الْمُحْتَمل لمعنيين هُوَ فِي أَحدهمَا أرجح دلَالَة وَحكمه أَنه لَا يعدل عَنهُ إِلَّا بِتَأْوِيل وَهُوَ صرف اللَّفْظ عَن ظَاهره لدَلِيل يصير بِهِ الْمَرْجُوح راجحا وَمِثَال ذَلِك ليتضح المرام قَوْله ﷺ الْجَار أَحَق بصقبه
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
والصقب الْقرب والملاصقة وَالْمرَاد بِهِ الشُّفْعَة فَهَذَا الحَدِيث ظَاهر فِي ثُبُوت الشُّفْعَة للْجَار الملاصق والمقابل أَيْضا مَعَ احْتِمَال أَن المُرَاد بالجار الشَّرِيك المخالط
إِمَّا حَقِيقَة أَو مجَازًا لَكِن هَذَا الِاحْتِمَال ضَعِيف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الظَّاهِر فَلَمَّا نَظرنَا إِلَى قَوْله ﵊ إِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
صَار هَذَا الحَدِيث مقويا لذَلِك الِاحْتِمَال الضَّعِيف فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم حَتَّى ترجحا على ظَاهره فقدمناهما وَقُلْنَا لَا شُفْعَة إِلَّا للشَّرِيك المقاسم
1 / 188